للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

والباقون تقدّموا قبل حديث.

وقوله: ("ويحَكُمْ، أَوْ قَالَ: وَيْلَكُمْ) "أو" للشكّ من الراوي، قال القاضي عياض رحمه الله تعالى: هما كلمتان، استَعْمَلتهما العرب بمعنى التعجب والتوجع، قال سيبويه رحمه الله تعالى: "ويل" كلمة لِمَنْ وَقَعَ في هَلَكَة، و"ويح" تَرَحُّمٌ، وحُكِيَ عنه: "ويحٌ" زَجْرٌ لمن أشرف على الْهَلَكة، وقال غيره: ولا يراد بهما الدعاء بإيقاع الهَلَكة، ولكن الترحم والتعجب، ورُوي عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: "وَيْحٌ" كلمة رحمة، وقال الْهَرَويّ: "ويح" لمن وَقَع في هَلَكَة لا يستحقُّها، فيُتَرَحَّم عليه ويُرْثَى له، و"ويلٌ" للذي يستحقّها، ولا يُتَرَحَّم عليه. انتهى (١).

وقال ابن منظور رحمه الله تعالى في "لسان العرب" (٢/ ٦٣٨):

"ويحَ" كلمةٌ تقال رحمةً، وكذلك "وَيْحَمَا"، قال حُمَيد بن ثور [من الطويل]:

أَلَا هَيَّمَا مِمَّا لَقِيتُ وَهَيَّمَا … وَوَيْحٌ لِمَنْ لَمْ يَدْرِ مَا هُنَّ وَيْحَمَا

وقال الليث: "وَيْحَ" يقال: إنه رحمةٌ لمن تنزل به بَلِيّةٌ، وربما جُعِل مع "ما" كلمةً واحدةً، وقيل: وَيْحَمَا، و"ويح" كلمةُ تَرَحُّم وتَوَجُّع، وقد يقال بمعنى المدح والعجب، وهي منصوبة على المصدر، وقد تُرْفَع، وتضاف، ولا تضاف، يقال: ويحَ زيد، وويحًا له، وويحٌ له.

وقال الجوهريّ: "ويح" كلمة رحمة، و"ويلٌ" كلمةُ عذاب، وقيل: هما بمعنًى واحد، وهما مرفوعتان بالإبتداء، يقال: ويحٌ لزيد، وويلٌ لزيد، ولك أن تقول: ويحًا لزيد، وويلًا لزيد، فتنصبهما بإضمار فعل، وكأنك قلت: ألزمه الله وَيْحًا ووَيْلًا، ونحو ذلك، ولك أن تقول: وَيْحَكَ، وويحَ زيد، وويلَك، وويل زيد بالإضافة، فتنصبهما أيضًا بإضمار فعل، وأما قوله تعالى: {فَتَعْسًا لَهُمْ} و {بُعْدًا لِثَمُودَ} وما أشبه ذلك، فهو منصوب أبدًا؛ لأنه لا تصح إضافته بغير لام؛ لأنك لو قلت: فتعسهم أو بُعْدهم، لم يصلح، فلذلك افترقا.


(١) راجع: "شرح مسلم" للنوويّ ٢/ ٥٦ - ٥٧.