للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله عنه: الحقّ أن الصلاة في الدار المغصوبة لا تصحّ، كما هو مرويّ عن الإمام أحمد وغيره، فكذا هنا؛ لأن صيغة "لا يحلّ" واضحٌ في التحريم، وهو يقتضي الفساد، وقد استوفيت البحث في هذا في "التحفة المرضيّة"، و"شرحها"، فلتراجعه، والله تعالى أعلم.

قال: وقال صاحب "البيان": قبوله إلى الله تعالى، قال النوويّ: ومقتضى المذهب في نظائرها الجزم بعدم الثواب، كما في الصلاة في دار مغصوبة. انتهى.

ومن قال بالكراهة احتاج إلى تأويل قوله: "لا يحلّ " على أن معناه ليس حلالًا مستوي الطرفين، بل هو راجح الترك مكروه، وهو تأويل بعيدٌ مستنكرٌ، ولو لم يرد هذا اللفظ، فلفظ النهي الذي عند مسلم هنا بلفظ: "لا تصم المرأة" ظاهر في التحريم، وكذا لفظ رواية: "لا تصوم"؛ لأن استعمال لفظ الخبر يدلّ على تأكيد النهي، وتأكدُهُ يكون بحمله على التحريم، أفاده وليّ الدين -رحمه الله- (١).

(وَبَعْلُهَا) بفتح، فسكون: أي زوجها، قال الفيّوميّ -رحمه الله-: "البَعْلُ": الزوج، يقال: بَعَلَ يَبْعَلُ، من باب قَتَلَ بُعُولةً: إذا تزوّج، والمرأة بَعْلٌ أيضًا، وقد يقال فيها: بَعْلَةٌ بالهاء، كما يقال: زوجةٌ؛ تحقيقًا للتأنيث، والجمع: الْبُعُولةُ، قال الله تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} [البقرة: ٢٢٨]. انتهى (٢).

وقال في "الفتح": رواية "وبعلها" أفيد من رواية "وزوجها"؛ لأن ابن حزم نقل عن أهل اللغة أن البعل اسم للزوج والسيد، فإن ثبت، وإلا أُلْحِق السيد بالزوج؛ للاشتراك في المعنى. انتهى (٣).

(شَاهِدٌ) أي حاضر في البلد، قال وليّ الدين -رحمه الله-: قَيَّد النهي عن الصوم بأن يكون بعلها؛ أي زوجها شاهدًا؛ أي حاضرًا مقيمًا في البلد، ومفهومه أن لها صوم التطوع في غيبته، وهو كذلك بلا خلاف، كما ذكره النوويّ في "شرح المهذب"، وهو واضحٌ؛ لزوال معنى النهي.

قال: وما المراد بغيبته هنا؟ هل المراد الغيبة المعتبرة في أكثر المسائل


(١) راجع: "طرح التثريب" ٤/ ١٤٠ - ١٤١.
(٢) "المصباح المنير" ١/ ٥٥.
(٣) "الفتح" ١١/ ٦٢٧ كتاب "النكاح" رقم (٥١٩٥).