للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(نُودِيَ فِي الْجَنَّةِ) "في" بمعنى "من"، كما في قول الشاعر [من الطويل]:

أَلَا عِمْ صَبَاحًا أَيُّهَا الطَّلَلُ الْبَالِي … وَهْلْ يَعِمَنْ مَنْ كَانَ فِي الْعُصُرِ الْخَالِي

وَهَلْ يَعِمَنْ مَنْ كَانَ أَحْدَثُ عَهْدِهِ … ثَلَاثِينَ شَهْرًا فِي ثَلَاثَةِ أَحْوَالِ

أي من ثلاثة أحوال؛ أي سنين (١).

والمعنى هنا أنه يُنادَى من أبواب الجنّة، يوضّح هذا المعنى ما في رواية النسائيّ، من طريق شعيب بن أبي حمزة، عن الزهريّ، بلفظ: "دعي من أبواب الجنّة".

قال في "الفتح": ومعنى الحديث أن كلّ عامل يُدعَى من باب ذلك العمل، وقد جاء ذلك صريحًا من وجه آخر، عن أبي هريرة -رضي الله عنه-رضي الله عنه-: "لكلّ عامل بابٌ من أبواب الجنّة، يُدعَى منه بذلك العمل"، أخرجه أحمد، وابن أبي شيبة بإسناد صحيح. انتهى (٢).

وقد ثبت بيان صيغة دعاء الداعي في الرواية التالية بلفظ: "دعاه خَزَنة الجنّة، كلُّ خزنة بابٍ؛ أي فُلُ هَلُمَّ"، وفي رواية النسائيّ: "دَعَتْهُ خَزَنةُ الجنّة، من أبواب الجنّة، يا فلان هلمّ، فادخل".

(يَا عَبْدَ اللهِ هَذَا خَيْرٌ) أي هذا العمل الذي عملته خيرٌ من الخيرات، والتنوين فيه للتعظيم؛ أي خير عظيمٌ، أو المراد: هذا الباب الذي تُدعَى إليه لِتَدْخُل منه خيرٌ؛ أي فيه خيرٌ كثيرٌ، وإنما قيل له هذا تعظيمًا له، وتشريفًا.

وقال في "الفتح": لفظ: "خير" بمعنى فاضل، لا بمعنى أفضل، وإن كان اللفظ قد يوهم ذلك، ففائدته زيادة ترغيب السامع في طلب الدخول من ذلك الباب. انتهى (٣).

وقال النوويّ -رحمه الله-: قيل: معناه: لك هنا خيرٌ، وثوابٌ، وغِبْطَةٌ، وقيل: معناه: هذا الباب فيما نعتقده خير لك من غيره من الأبواب؛ لكثرة ثوابه ونعيمه، فتعالَ، فادخل منه، ولا بُدَّ من تقدير ما ذكرناه أَنّ كل منادٍ يعتقد ذلك الباب أفضل من غيره. انتهى (٤).


(١) راجع: "مغني اللبيب" ١/ ١٦٩.
(٢) "الفتح" ٧/ ٣٧٩.
(٣) "الفتح" ٧/ ٣٧٩.
(٤) "شرح النوويّ" ٧/ ١١٦.