البخاريّ، وأبو داود، ويزيد بن كيسان، فما أخرج له البخاريّ في "الصحيح".
٣ - (ومنها): أنه مسلسلٌ بالكوفيين، سوى شيخه، فعدنيّ، ثم مكيّ، والصحابيّ، فمدنيّ.
شرح الحديث:
(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي الله عنه- أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمُ الْيَوْمَ صَائِمًا؟ ") "من" استفهاميّة، و"أصبح" بمعنى صار، وخبره "صائمًا"، أو بمعنى دَخَلَ في الصباح، فتكون تامّةً، و"صائمًا" حال من ضميره (قَالَ أَبُو بَكْرٍ) الصدّيق (-رضي الله عنه-: أَنَا) قال القاري رحمه الله: يوقف عليه بالألف، وأما وقفه بالنون المفتوحة فلحنٌ عاميّ، قال الطيبيّ رحمه الله: ذكر "أنا" هنا للتعيين في الإخبار، لا للاعتداد بنفسه، كما يُذْكَر في مقام المفاخرة، وهذا هو الذي يُكرَه، وقد جاء قوله تعالى:{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ}[الكهف: ١١٠]، وقوله:{وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ}[ص: ٨٦]، وقوله: {وَلَا أَنَا عَابِدٌ مَا عَبَدْتُمْ (٤)} [الكافرون: ٤]، وقوله: {قُلْ إِنْ كَانَ لِلرَّحْمَنِ وَلَدٌ فَأَنَا أَوَّلُ الْعَابِدِينَ (٨١)} [الزخرف: ٨١] إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "أنا سيّد ولد آدم"، وقال:"أنا أول من تنشقّ عنه الأرض"، وقال:"أنا أول شافع، وأول مشفّع"، وقال:"أنا محمد، وأحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يُحْشَر الناس على قدمي، وأنا العاقب"، إلى غير ذلك من الأحاديث، وكلّها في الصحاح، وقد تلفّظ بها السابق بالخيرات، صدّيق هذه الأمة -رضي الله عنه- بين يدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كرّة بعد كرّة، ولم ينكر -صلى الله عليه وسلم- عليه ذلك، فدلّت هذه النصوص كلّها على جواز قول القائل: أنا، فمن كره ذلك فلا حجة له.
[فإن قلت]: أخرج الشيخان عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- قال: أتيت النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في دَين كان على أبي، فدققت الباب، فقال:"مَنْ ذا؟ " فقلت: أنا، فقال:"أنا أنا"، كأنه كرهها، فكيف يُجمع بينه وبين هذه النصوص؟.
[قلت]: يُجاب بأنه -صلى الله عليه وسلم- إنما سأله ليُخبر عن نفسه، فيعرف مَن الوارد عليه، فيرتفع الإبهام، فلما قال جابر -رضي الله عنه-: أنا لم يأت بجواب يزيل الإبهام، ويفيد معرفة عينه، بل بقي الإبهام على حاله، فأنكر عليه ذلك؛ للمعنى