ورُوِيَ بنصب الهمزة، على أنه منادى مضاف، وكسرة التاء للخفض بالإضافة، كقولهم: مسجد الجامع، وهو مما أضيف فيه الموصوف إلى الصفة في اللفظ، فالبصريون يتأولونه على حذف الموصوف، وإقامة صفته مقامه، نحو يا نساء الأنفس المسلمات، أو يا نساء الطوائف المؤمنات؛ أي لا الكافرات، وقيل: تقديره يا فاضلات المسلمات، كما يقال: هؤلاء رجال القوم؛ أي أفاضلهم، والكوفيون يَدَّعُون أن لا حذف فيه، ويكتفون باختلاف الألفاظ في المغايرة.
وقال ابن رُشيد: توجيهه أنه خاطب نساءً بأعيانهنّ، فأقبل بندائه عليهنّ، فصحت الإضافة على معنى المدح لهنّ، فالمعنى يا خيرات المؤمنات، كما يقال: رجال القوم.
وتُعُقِّب بأنه لم يخصصهنّ به؛ لأن غيرهن يشاركهن في الحكم.
وأجيب بأنهن يشاركنهن بطريق الإلحاق.
وأنكر ابن عبد البر رواية الإضافة، وردّه ابن السيد بأنها قد صَحَّت نقلًا، وساعدتها اللغة، فلا معنى للإنكار.
وقال ابن بطال: يمكن تخريج يا نساء المسلمات على تقدير بعيدٍ، وهو أن يُجْعَل نعتًا لشيء محذوف، كأنه قال: يا نساء الأنفس المسلمات، والمراد بالأنفس الرجال، ووجه بعده أنه يصير مدحًا للرجال، وهو -صلى الله عليه وسلم- إنما خاطب النساء، قال: إلا أن يراد بالأنفس الرجال والنساء معًا، وأطال في ذلك، وتعقبه ابن الْمُنَيِّر، وقد رواه الطبرانيّ من حديث عائشة -رضي الله عنها- بلفظ:"يا نساء المؤمنين … " الحديث. انتهى (١).
قال الجامع عفا الله عنه: عندي أن أقرب الأوجه أنه من حذف الموصوف، وإقامة الصفة مقامه؛ أي يا نساء الأنفس المسلمات، كما هو رأي البصريين، وإلى ترجيح مذهبهم أشار ابن مالك في "الخلاصة" حيث قال: