للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

معهم فيما ذُكر، إلا إن كان المراد بالإمام العادل الإمامة العظمى، وإلا فيمكن دخول المرأة حيث تكون ذات عيال، فتعدل فيهم، وتخرج خصلة ملازمة المسجد؛ لأن صلاة المرأة في بيتها أفضل من المسجد، وما عدا ذلك فالمشاركة حاصلة لهنّ، حتى الرجل الذي دعته المرأة، فإنه يتصور في امرأة دعاها ملك جميل مثلًا، فامتنعت خوفًا من الله تعالى، مع حاجتها، أو شابّ جميل دعاه ملك إلى أن يزوجه ابنته مثلًا، فخشي أن يرتكب منه الفاحشة، فامتنع مع حاجته إليه، قاله في "الفتح" (١).

(يُظِلُّهُمُ) بضمّ أوله، من الإظلال (اللهُ) عز وجل (فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لَا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ) وفي رواية النسائيّ (٢): "يظلهم الله في ظلّه يوم القيامة، يوم لا ظلّ إلا ظلّه"، فـ"يوم" الثاني بدل من الأول.

وقوله: "في ظلّه" قال عياض: إضافة الظلّ إلى الله تعالى إضافة ملك، وكلّ ظلّ فهو ملكه، كذا قال، وكان حقّه أن يقول: إضافة تشريف؛ ليحصل امتياز هذا على غيره، كما قيل للكعبة: بيت الله، مع أن المساجد كلها ملكه، وقيل: المراد بظله كرامته، وحمايته، كما يقال: فلان في ظل الملك، وهو قول عيسى بن دينار، وقَوّاه عياض، وقيل: المراد ظل عرشه، ويدل عليه حديث سلمان -رضي الله عنه- عند سعيد بن منصور، بإسناد حسن: "سبعة يظلهم الله في ظل عرشه … " فذكر الحديث، وإذا كان المراد ظل العرش، استلزم ما ذُكر من كونهم في كنف الله، وكرامته، من غير عكس، فهو أرجح، وبه جزم القرطبيّ.

قال الحافظ: ويؤيده أيضًا تقييد ذلك بيوم القيامة، كما صرح به ابن المبارك في روايته عن عبيد الله بن عمر، وهو عند البخاريّ في "كتاب الحدود"، وبهذا يندفع قول من قال: المراد ظل طوبى، أو ظل الجنة؛ لأن ظلهما إنما يحصل لهم بعد الاستقرار في الجنة، ثم إن ذلك مشترك لجميع من يدخلها، والسياق يدل على امتياز أصحاب الخصال المذكورة، فيرجح أن


(١) راجع: "الفتح" ٢/ ٣٦٦ - ٣٦٧.
(٢) وهو أيضًا عند البخاريّ في كتاب "الحدود".