قال الله عز وجل: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (٤٠) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى (٤١)} [النازعات: ٤٠ - ٤١]، وقال عز وجل: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ (٤٦)} [الرحمن: ٤٦].
٦ - (ومنها): فضل صدقة السرّ، قال الله عز وجل:{وَإِنْ تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ}[البقرة: ٢٧١].
٧ - (ومنها): فضيلة البكاء من خشية الله سبحانه وتعالى، وفضل طاعة السرّ؛ لكمال الإخلاص فيها.
٨ - (ومنها): فضيلة ذكر الله عز وجل في الخلوات، مع فيضان الدمع من عينيه، فقد أخرج أحمد، والترمذيّ، والنسائيّ، والحاكم بإسناد صحيح، من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-، مرفوعًا:"لا يلج النار رجلٌ بكى من خشية الله، حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله، ودخان جهنّم في منخري مسلم أبدًا".
وبالجملة فالحديث عظيم الفائدة، جسيم العائدة، قال القرطبيّ رحمه الله: هذا الحديث جدير بأن يُنْعَم فيه النظر، ويُستخرَج ما فيه من اللطائف، والعِبَر، والله الموفّق الملهم. انتهى (١)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): في اختلاف الرواية في قوله: "حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه"، كما هو عند الشيخين: قال في "الفتح": هكذا وقع في معظم الروايات في هذا الحديث في البخاري وغيره، ووقع في "صحيح مسلم" مقلوبًا: "حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله"، وهو نوع من أنواع علوم الحديث، أغفله ابن الصلاح، وإن كان أفرد نوع المقلوب، لكنه قصره على ما يقع في الإسناد، ونبه عليه شيخنا -يعني البلقينيّ- في "محاسن الاصطلاح"، ومثّل له بحديث:"إن ابن أم مكتوم يؤذن بليل"، وقد قدمنا الكلام عليه في "كتاب الأذان"، وقال شيخنا: ينبغي أن يسمى هذا النوع: المعكوس. انتهى.