قال الحافظ: والأولى تسميته مقلوبًا، فيكون المقلوب تارة في الإسناد، وتارة في المتن كما قالوه في المدرج سواء، وقد سمّاه بعض من تقدم مقلوبًا، قال عياض: هكذا في جميع النسخ التي وصلت إلينا من "صحيح مسلم"، وهو مقلوب، والصواب الأول، وهو وجه الكلام؛ لأن السنة المعهودة في الصدقة إعطاؤها باليمين، وقد ترجم عليه البخاري في "الزكاة": "باب الصدقة باليمين"، قال: ويشبه أن يكون الوهم فيه ممن دون مسلم، بدليل قوله في رواية مالك، لَمّا أوردها عقب رواية عبد الله بن عمر، فقال بمثل حديث عبيد الله، فلو كانت بينهما مخالفة لبيّنها، كما نبّه على الزيادة في قوله:"ورجل قلبه مُعَلَّق بالمسجد؛ إذا خرج منه حتى يعود إليه". انتهى.
قال الحافظ: وليس الوهم فيه ممن دون مسلم، ولا منه، بل هو من شيخه، أو من شيخ شيخه يحيى القطان، فإن مسلما أخرجه، عن زهير بن حرب، وابن نمير كلاهما عن يحيى، وأشعر سياقه بأن اللفظ لزهير، وكذا أخرجه أبو يعلى في "مسنده" عن زهير، وأخرجه الجوزقي في "مستخرجه" عن أبي حامد ابن الشرقي، عن عبد الرحمن بن بشر بن الحكم، عن يحيى القطان كذلك، وعَقّبَه بأن قال: سمعت أبا حامد بن الشرقي يقول: يحيى القطان عندنا واهم في هذا، إنما هو:"حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه".
قال الحافظ: والجزم بكون يحيى هو الواهم فيه نظر؛ لأن الإمام أحمد، قد رواه عنه على الصواب، وكذلك أخرجه البخاري هنا، عن محمد بن بشار، وفي "الزكاة" عن مسدد، وكذا أخرجه الإسماعيلي، من طريق يعقوب الدَّوْرقي، وحفص بن عمر، وكلهم عن يحيى، وكأن أبا حامد لَمّا رأى عبد الرحمن، قد تابع زهيرًا، ترجح عنده أن الوهم من يحيى، وهو مُحْتَمِل بان يكون منه لَمّا حدَّث به هذين خاصة، مع احتمال أن يكون الوهم منهما تواردا عليه.
وقد تكلف بعض المتأخرين توجيه هذه الرواية المقلوبة، وليس بجيد؛ لأن المخرج مُتّحد، ولم يختلف فيه على عبيد الله بن عمر، شيخ يحيى فيه، ولا على شيخه خُبيب، ولا على مالك رفيق عبيد الله بن عمر فيه.
وأما استدلال عياض على أن الوهم فيه ممن دون مسلم بقوله في رواية