للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

زُهير، وإلا استُعمل بمعنى الطمع، فأنا آمِلٌ، وهو مأمولٌ على فاعل ومفعول، وأَمّلته تأميلًا مبالغةٌ وتكثيرٌ، وهو أكثر من استعمال المخفّف. انتهى.

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: المناسب هنا كون الأَمَل بمعنى الرجاء، والله تعالى أعلم.

وفي رواية النسائيّ: "تأمل العيش"، و"العيش" -بفتح، فسكون-: الحياة؛ أي ترجو الحياة.

وانما خصّ هاتين الحالتين، وهما أمل الغنى، وخشية الفقر؛ لأنّ الصدقة في هاتين الحالتين أشدّ مُراغمةً للنّفس.

(وَلَا تُمْهِلَ) يجوز فيه الجزم، على أنه نهيٌ عن الإمهال، والرفع على أنه نفي له، وهو بمعنى النهي الأكيد، ويجوز النصب عطفًا على "أن تصدّقَ".

(حَتَّى اِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ) كلمة "حتّى" للغاية، والضمير في "بَلَغَت" يرجع إلى الروح، بدلالة سياق الكلام عليه، والمراد منه قارَبَتِ البلوغَ؛ إذ لو بلغته حقيقةً، لم تصحّ وصيّته، ولا شيءٌ من تصرّفاته.

و"الْحُلْقُوم": هو الحلق، وفي "المخصّص" عن أبي عُبيدة: هو مجرى النفس، والسعال من الجوف (١).

وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله: "حتى إذا بلغت الحلقوم" أي النفس، ولم يَجْرِ لها ذكرٌ، لكن دلّ عليها الحال، كما قال تعالى: {فَلَوْلَا إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ (٨٣)} [الواقعة: ٨٣] ومعناه: قاربت الحلقوم، فلو بلغته لم تأت منه وصيّة ولا غيرها، والحلقوم: الحلق. انتهى (٢).

(قُلْتَ لِفُلَانٍ) كناية عن الموصى له (كَذَا) كناية عن الموصى به، والجملة من المبتدأ والخبر مقول: "قلتَ" ومعنى قوله: (وَلِفُلَانٍ كَذَا) هو كسابقه (أَلَا) أداة استفتاح وتنبيه (وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ") جملة في محلّ نصب على الحال؛ أي وقد صار المال الذي تتصرّف فيه في هذه الحالة لفلان، وهو الوارث، فإن ثلثيه حقّ له، وأنت تتصدّق بجميعه، فكيف يُقبل منك؟ و"فلان" كناية عن الموصَى له.


(١) راجع: "عمدة القاري" ٨/ ٢٨٠.
(٢) "المفهم" ٣/ ٧٨.