وقال القسطلانيّ رحمه الله: أي وقد صار ما أوصى به للوارث، فيُبطله إن شاء إذا زاد على الثلث، أو أوصى به لوارث آخر.
وقيل: المعنى: أنه قد خرج عن تصرّفه، وكمال ملكه، واستقر له بما شاء من التصرّف، فليس له في وصيّته كبير ثواب، وكثير فضل بالنسبة إلى صدقة الصحيح الشحيح.
وحاصل معنى الحديث أنّ أفضل الصدقة أن تتصدّق في حال حياتك، وصحّتك، مع احتياجك إلى المال، واختصاصه بك، وشحّ نفسك به، بأن تقول لك: لا تُتلف مالك كيلا تصير فقيرًا، لا في حال سقمك، وسياقِ موتك؛ لأنّ المالَ حينئذٍ خرج عنك، وتعلّق بغيرك؛ يعني أن أعظم الصدقة أجرًا أن تصدّق حال حاجتك، فإن الصدقة في هذه الحالة أشدّ مراغمة للنفس؛ لأن فيه مجاهدة النفس على إخراج المال الذي هو شقيق الروح مع قيام مانع الشحّ، وليس هذا إلا من قوّة الرغبة في القربة إلى الله عز وجل، وصحّة العقد، فكان أفضل، وأعظم أجرًا من غيره.
وقال في "الفتح": قوله: "قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان" الظاهر أن هذا المذكور على سبيل المثال، وقال الخطّابيّ رحمه الله: فلانٌ الأول، والثاني الموصَى له، وفلان الأخير الوارث؛ لأنه إن شاء أبطله، وإن شاء أجازه.
وقال غيره: يَحْتَمِل أن يكون المراد بالجميع من يُوصَى له، وإنما أدخل "كان" في الثالث إشارةً إلى تقدير القدَرِ له بذلك.
وقال الكرمانيّ رحمه الله: يَحْتَمِل أن يكون الأول الوارثَ، والثاني المورّث، والثالث الموصَى له.
قال الحافظ رحمه الله: وَيحْتَمِل أن يكون بعضها وصيّةً، وبعضها إقرارًا، وقد وقع في رواية ابن المبارك، عن سفيان، عند الإسماعيليّ:"قلتَ: اصنعوا لفلان كذا، وتصدّقوا بكذا".
ووقع في حديث بُسْر بن جِحَاش -بضمّ الموحّدة، وسكون المهملة، وأبوه بكسر الجيم، وتخفيف المهملة، وآخره شينٌ معجمةٌ- عند أحمد،