للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

له من أن يتصدّق عند موته بمائة"، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا، ونعم الوكيل.

وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله المذكور أولَ الكتاب قال:

[٢٣٨٣] ( … ) - (وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَابْنُ نُمَيْرٍ، قَالَا: حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ، عَنْ عُمَارَةَ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ الصَّدَقَةِ أَعْظَمُ أَجْرًا؟ فَقَالَ: "أَمَا وَأَبِيكَ لَتُنَبَّأَنَّهُ، أَنْ تَصَدَّقَ وَأَنْتَ صَحِيحٌ شَحِيحٌ، تَخْشَى الْفَقْرَ، وَتَأْمُلُ الْبَقَاءَ، وَلَا تُمْهِلَ حَتَّى إِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ قُلْتَ لِفُلَانٍ كَذَا، وَلِفُلَانٍ كَذَا، وَقَدْ كَانَ لِفُلَانٍ").

رجال هذا الإسناد: ستّةٌ:

١ - (أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ) تقدّم قبل بابين.

٢ - (ابْنُ نُمَيْرٍ) هو: محمد بن عبد الله بن نُمير، تقدّم أيضًا قبل بابين.

٣ - (ابْنُ فُضَيْلٍ) هو: محمد بن فُضيل بن غَزْوَان الضبيّ مولاهم، أبو عبد الرحمن الكوفيّ، صدوقٌ رُمي بالتشيّع [٩] (ت ١٩٥) (ع) تقدم في "الإيمان" ٦٣/ ٣٥٨.

والباقون ذُكروا قبله.

وقوله: (أَمَا وَأَبِيكَ لَتُنَبَّأَنَّهُ) قال القرطبيّ رحمه الله: قوله: "أما" استفتاح للكلام، و"أبيك" قسمٌ، ومقسم به، وتقدّم الكلام على القسم بالأب في "كتاب الإيمان"، والمقسم عليه "لتُنبّأَنّه" مبنيًّا للمفعول؛ أي لتُخْبَرنّ به حتى تعلمه. انتهى (١).

وقال النوويّ رحمه الله: قد يقال: حلف بأبيه، وقد نَهَى عن الحلف بغير الله، وعن الحلف بالآباء، والجواب أن النهي عن اليمين بغير الله لمن تعمَّده، وهذه اللفظه الواقعة في الحديث تجري على اللسان من غير تعمّد، فلا تكون يمينًا ولا منهيًّا عنها، كما سبق بيانه في "كتاب الإيمان". انتهى (٢)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.


(١) "المفهم" ٣/ ٧٨.
(٢) "شرح النوويّ" ٧/ ١٢٤.