واستُدِلَّ له أيضًا بقوله تعالى:{أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ}[الكهف: ٧٩]، فسماهم مساكين، مع أن لهم سفينةً؛ لكونها لا تقوم بجميع حاجتهم.
وعكس آخرون ذلك، فقالوا: الفقير أحسن حالًا من المسكين، حكاه ابن عبد البرّ، عن يونس بن حبيب، وابن السِّكِّيت، وابن قُتيبة، وقومٍ من أهل الفقه والحديث.
وقال آخرون: هما سواءٌ، ولا فرق بينهما في المعنى، وإن افترقا في الاسم، حكاه ابن عبد البرّ، عن ابن القاسم، وسائر أصحاب مالك، وحَكَى ابنُ بطال قولًا رابعًا، أن المسكين الذي يسأل، والفقير الذي لا يسأل (١).
وسيأتي تمام البحث في هذا في المسألة الرابعة -إن شاء الله تعالى-.
(وَلَا يُفْطَنُ لَهُ) بالبناء للمفعول مخفّفًا، وهو مرفوعٌ عطفًا على "لا يجدُ"، وقوله:(فَيُتَصَدَّقَ عَلَيْهِ) منصوب بـ "أن" مضمرةً بعد الفاء السببيّة، كما مرّ نظيره قريبًا.
وقوله: (وَلَا يَسْأَلُ النَّاسَ شَيْئًا") مرفوع عطفًا على "لا يجد" أيضًا، ووقع في رواية: "ولا يقوم، فيسأل الناس"، وعليها يكون قوله: "فيسألَ" منصوبًا مثل "فيُتصدَّق"، فتنبّه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٣٥/ ٢٣٩٣ و ٢٣٩٤ و ٢٣٩٥](١٠٣٩)، و (البخاريّ) في "الزكاة" (١٤٧٦) و"التفسير" (٤٥٣٩)، و (أبو داود) في "الزكاة" (١٦٣١)، و (النسائيّ) في "الزكاة" (٢٥٧١ و ٢٥٧٢ و ٢٥٧٣) و"الكبرى" (٢٣٥٢ و ٢٣٥٣ و ٢٣٥٤)، و (مالك) في "الموطّأ" (١٧١٣)، و (عبد الرزّاق) في "مصنّفه" (١١/ ٩٦)، و (الحميديّ) في "مسنده" (٢/ ٤٥٦)، و (الطيالسيّ) في