للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الرواية التالية: "لأن يغدو أحدكم، فيحطبَ على ظهره، فيبيعه … " (وَيَسْتَغْنِيَ بِهِ مِنَ النَّاسِ) وفي نسخة: "عن الناس"؛ أي عن سؤالهم، وقوله: (خَيْرٌ لَهُ) خبر قوله: "لأن يغدو"؛ لأنه في تأويل المصدر مبتدأ؛ أي غدُوُّه خيرٌ له.

وقال في "الفتح": ليست "خير" هنا بمعنى أفعل التفضيل؛ إذ لا خير في السؤال مع القدرة على الاكتساب، والأصحّ عند الشافعيّة أن سؤال مَن هذا حاله حرام.

ويَحْتَمِل أن يكون المراد بالخير فيه بحسب اعتقاد السائل، وتسميتِهِ الذي يُعطاه خيرًا، وهو في الحقيقة شرّ. انتهى (١).

وقال الحافظ وليّ الدين رحمه الله: [فإن قلت]: لا خير في السؤال، فما وجه هذا الترجيح؟.

[قلت]: يَحْتَمِل وجهين:

[أحدهما]: أن ذلك حيث اضطرّ إلى السؤال بحيث لا يصير فيه ذمّ أصلًا، فتَرْكُه مع ذلك خير من فعله، وفي هذا الجواب نظرٌ؛ لأن من أمكنه الاحتطاب لم يضطرّ إلى السؤال.

[ثانيهما]: أن هذه الصيغة، وهي "خيرٌ" قد تستعمل في غير الترجيح، كما في قوله تعالى: {أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرًّا} الآية [الفرقان: ٢٤]. انتهى (٢).

وقال السنديّ رحمه الله في "شرح النسائيّ": الكلام من قبيل: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: ١٨٤]، والمراد أن ما يَلْحَق الإنسان بالاحتزام من التعب الدنيويّ خيرٌ له مما يلحقه بالسؤال من التعب الأخرويّ، فعند الحاجة ينبغى أن يختار الأول، ويترك الثاني. انتهى (٣).

وقال في "حاشيته على صحيح مسلم": قوله: "خير له … إلخ"؛ أي أَبُو فُرض في السؤال خيريّة لكان هذا خيرًا منه، والا فمعلومٌ أنه لا خيريّة في السؤال. انتهى (٤).

(مِنْ أَنْ يَسْأَل رَجُلًا) أي من سؤاله رجلًا، والمراد بالرجل الشخص،


(١) راجع: "الفتح" ٤/ ٩٨.
(٢) "طرح التثريب" ٤/ ٨٣ - ٨٤.
(٣) "شرح السندي" ٥/ ٩٤.
(٤) نقله في "المرعاة" ٦/ ٢٥٧.