فسؤال المرأة مثل سؤال الرجل (أَعْطَاهُ) جملة في محلّ نصب نعت و"رجلًا"؛ أي أعطاه مسؤوله، فحَمّله ثقل المنّة، ومذلّة المسألة (أَوْ مَنَعَهُ ذَلِكَ) أي منعه ذلك الذي سأله، فاكتسب الذلّ والهوان، والخيبة، والحرمان؛ يعني أن الإعطاء، والمنع سيّان في كون الاحتطاب خيرًا له، ثمّ علّل ذلك بقوله:(فَإِنَّ) الفاء للتعليل؛ أي لأن (الْيَدَ الْعُلْيَا) هي المنفقة، أو هي المتعفّفة، والأول أصحّ، كما تقدّم بيانه (أفْضَلُ مِنَ الْيَدِ السُّفْلَى) هي السائلة (وَابْدَأ بِمَنْ تَعُولُ") أي ابدأ في الإنفاق بإعطاء الشخص الذي يلزمك إنفاقه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا بهذا السياق من أفراد المصنّف رحمه الله، وهو متّفق عليه بالسياق الآتي بعد حديث.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا [٣٦/ ٢٤٥٠ و ٢٤٠١ و ٢٤٠٢](١٤٠١)، و (البخاريّ) في " البيوع " (٢٠٧٤) و"الشرب" (٢٣٧٤)، و (الترمذيّ) في "الزكاة" (٦٨٠)، و (النسائيّ) في "الزكاة" (٢٤٨٥ و ٢٥٨٩) و"الكبرى" (٢٣٦٥)، و (مالك) في "الموطّأ" (١٨٨٣)، و (الحميديّ) في "مسنده" (١٠٥٦)، و (أحمد) في "مسنده" (٢/ ٤٥٥)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه" (٣/ ١٠٩)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان ذمّ السؤال، وأنه من أقبح الخصال، ولولا قبحه في نظر الشرع لم يفضّل عليه امتهان المرء نفسه في طلب الرزق، وذلك لما يدخل على السائل من ذلّ السؤال، ومن ذلّ الردّ؛ إذا لم يُعط، ولمَا يدخل على المسؤول من الضيق في ماله، إن أَعطَى كلّ سائل.
وقد ذكرت في "شرح النسائيّ" حدّ الغنى الذي يمنع من أخذ الزكاة، ومن سؤال الناس، واختلاف العلماء فيه، فراجعه تستفد (١)، وبالله تعالى التوفيق.