للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ومن قصيدة للحسين بن حميد:

وَسَائِلُ النَّاسِ إِنْ جَادُوا وَإِنْ بَخِلُوا … فَإِنَّهُ بِرِدَاءِ الذُّلِّ مُشْتَمِلُ

وقال أبو العتاهية، فأحسن [من الوافر]:

أَتَدْرِي أَيُّ ذُلٍّ فِي السُّؤَالِ … وَفِي بَذْلِ الْوُجُوهِ إِلَى الرِّجَالِ

يَعِزُّ عَلَى التَّنَزهِ مَنْ رَعَاهُ … وَيَسْتَغْنِي الْعَفِيفُ بِغَيْرِ مَالِ

تَعَالَى اللهُ يَا سَلْمُ بْنَ عَمْرٍ … أَذَلَّ الْحِرْصُ أَعْنَاقَ الرِّجَالِ

وَمَا دُنْيَاكَ إِلَّا مِثْلُ فَيءٍ … أَظَلَّكَ ثُمَّ آذَنَ بِالزَّوَالِ

إِذَا كَانَ النَّوَالُ بِبَذْلِ وَجْهِي … فَلَا قَرُبْتُ مِنْ ذَاكَ النَّوَالِ

مَعَاذَ اللهِ مِنْ خُلُقٍ دَنِيءٍ … يَكُونُ الْفَضْلُ فِيهِ عَلَيَّ لَا لِي

تَوَقَّ يَدًا تَكُونُ عَلَيْكَ فَضْلًا … فَصَانِعُهَا إِلَيْكَ عَلَيْكَ عَالِي

يَدٌ تَعْلُو بِجَمِيلِ فِعْلٍ … كَمَا عَلَتِ الْيَمِينُ عَلَى الشِّمَال

وُجُوهُ الْعَيْشِ مِنْ سَعَةٍ وَضِيقٍ … وَحَسْبُكَ وَالتَّوَسُّعُ فِي الْحَلَالِ

وَتُنْكِرُ أَنْ تَكُونَ أَخَا نَعِيمَّ … وَأَنْتَ تُصِيفُ فِي فَيْءِ الظِّلَالِ

وَأَنْتَ تُصِيبُ قُوتَكَ فِي عَفَافٍ … وَرِيُّكَ إِنْ ظَمِئْتَ مِنَ الزُّلَالِ

مَتَى تُمْسِي وَتُصْبِحُ مُسْتَرِيحًا … وَأَنْتَ الدَّهْرَ لَا تْرْضَى بِحَالِ

تُكَابِدُ جَمْعَ شَيءٍ بَعْدَ شَيءٍ … وَتَبْغِي أَنْ تَكُونَ رَخِيَّ بَالِ

وَقَدْ يَجْزِي قَلِيلُ الْمَالِ مَجْزَى … كَثِيرِ الْمَالِ فِي سَدِّ الْخِلَالِ

إِذَا كَانَ الْقَلِيلُ يَسُدُّ فَقْرِي … وَلَمْ أَجِدِ الْكَثِيرَ فَلَا أُبَالِ

هِيَ الدُّنْيَا رَأَيْتُ الْحُبَّ فِيهَا … عَوَاقِبُهُ التَّفَرُّقُ عَنْ تَقَالِ

تُسَرُّ إِذَا نَظَرْتَ إِلَى هِلَالٍ … وَنَقْصُكَ إِنْ نَظَرْتَ إِلَى الْهِلَالِ (١)

والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.

(المسألة الرابعة): في حديث الباب فضيلةُ الاكتساب بعمل اليد، وقد ذكر بعضهم أنه أفضل المكاسب، وقال الماورديّ رحمه الله: أصول المكاسب الزراعة، والتجارة، والصناعة، وأيها أطيب؟ فيه مذاهب للناس، أشبهها بمذهب الشافعيّ أن التجارة أطيب، قال: والأشبه عندي أن الزراعة أطيب؛ لأنها أقرب إلى التوكّل.


(١) راجع: "التمهيد" ٤/ ١١٠ - ١١٣.