ورواه ابن منده في "الإيمان" من طريق شعبة عن منصور الأشلّ، قال: سمعت الشعبيّ يُحدّث عن جرير، قال شعبة: حدّثنيه مرّتين، ورفعه آخر مرّة عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - قال:"إن العبد الآبق … " الحديث.
ورواه الخطيب البغداديّ في كتابه "المتّفق والمفترق" بسند المصنّف، وفيه:"قال منصور: قد والله رواه عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - … ".
(وَلَكِنِّي أَكْرَهُ) بفتح أوله وثالثه، من باب تَعِبَ (أَنْ يُرْوَى عَنِّي) ببناء الفعل للمفعول، أي ينقله الناس عنّي (هَهُنَا بِالْبَصْرَةِ) بفتح الموحّدة وكسرها: المدينة المعروفة بالعراق، بُنيت في عهد عمر زعنه سنة ثماني عشرة من الهجرة بعد وقف السواد، ولذا دخلت في حدوده دون حكمه، قاله الفيّوميّ (١).
ومعنى كلام منصور رحمه الله تعالى هذا أنه رَوَى هذا الحديثَ عن الشعبيّ، عن جرير موقوفًا عليه، ثم قال منصور بعد روايته إياه موقوفًا: والله إنه مرفوعٌ إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فاعلموه أيها الخواصّ الحاضرون، فإني أكرَه أن أُصَرِّح برفعه في لفظ روايتي، فَيَشِيَع عنيّ في البصرة التي هي مملوءة من المعتزلة والخوارج، الذين يقولون بتخليد أهل المعاصي في النار، والخوارج يزيدون على التخليد، فَيَحْكُمُون بكفره، ولهم شبهة في التعلّق بظاهر هذا الحديث، وقد قَدَّمنَا تأويله، وبطلان مذاهبهم بالدلائل القاطعة الواضحة التي ذكرناها في مواضع من هذا الكتاب، قاله النوويّ رحمه الله تعالى، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث جرير - رضي الله عنه - عنه هذا تفرّد به المصنّف رحمه الله تعالى.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنّف) هنا في "الإيمان"[٣٣/ ٢٣٥ و ٢٣٦ و ٢٣٧](٦٨)، و (أبو داود) في "الحدود"(٤٣٦٠)، و (النسائيّ) في "كتاب المحاربة"(٤٠٥١ و ٤٠٥٢ و ٤٠٥٣ و ٤٠٥٤ و ٤٠٥٥ و ٤٠٥٦ و ٤٠٥٧ و ٤٠٥٨)، وفي "الكبرى"