للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال الجامع عفا الله تعالى عنه: قوله: "ليس من باب الشهادات" فيه نظر لا يخفى، والله تعالى أعلم.

٤ - (ومنها): أنّ فيه من العلم أن من ثبت عليه حقّ عند حاكم، فطلب المحكوم له حبسه، واذعَى المحكوم عليه الإفلاس والفقر، لا تسمع دعواه إلا ببيّنة، إن كان المحكوم عليه به لزمه بدل مال حصل في يده، كثمن مبيع، وقرض؛ لثبوت غناه بحصول المبيع، والقرض في يده، وتُقبل دعواه الإفلاس فيما ليس بدل مال، كبدل الغصب، وضمان المتلفات، ونفقة من يلزمه الإنفاق عليه، فلا يُحبس فيما ذُكِر إن ادّعى الفقر؛ لأن الأصل في الآدميّ العسر، وقد قال الله تعالى: {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} الآية [البقرة: ٢٨٠]، إلا إذا بَرْهَن خصمه أنّ له مالًا، فيُحْبَس حسبما يراه القاضي؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "مَطْلُ الغنيّ ظلم"، متّفق عليه، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "لَيُّ الواجد يُحِلّ عِرْضَهُ، وعقوبته" حديث حسن، أخرجه أحمد، وأبو داود، والنسائيّ، وابن ماجه.

وهذا إذا لم يكن له مالٌ ظاهر، وإلا انتُرع منه الحقّ، إن كان من جنسه، أو بَيعَ عليه، إن لم يكن من جنسه، والله تعالى أعلم.

٥ - (ومنها): أنه يدلّ على جواز نقل الصدقة من بلدة إلى أخرى، حيث قال: "أقم حتى تأتينا الصدقة، فنأمر لك بها"، وقد استوفيت البحث في اختلاف العلماء في ذلك في "شرح النسائيّ"، وأن الأصحّ جواز نقلها؛ إذا كان هناك مصلحة راجحة (١).

٦ - (ومنها): أن الحدّ الذي ينتهي إليه العطاء في الصدقة هو الكفاية التي يكون بها قِوام العيش، وسِداد الخلّة، وذلك يعتبر في كلّ إنسان بقدر حاله، ومعيشته، وليس فيه حدّ معلوم، يحمل عليه الناس كلهم مع اختلاف أحوالهم (٢).

٧ - (ومنها): ما قال المظهر رحمهُ اللهُ: من لم يقدر على كسب لزمانة، ونحوها جاز له السؤال بقدر قوت يومه، ومن قدر على الكسب، وتركه


(١) راجع: "شرح النسائيّ" ٢٢/ ٣٢٢ - ٣٢٤.
(٢) راجع: "معالم السنن" للخطابيّ رحمهُ اللهُ ٢/ ٢٣٧ - ٢٣٩.