للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(فَأُنْسِيتهَا، غَيْرَ أَنِّي حَفِظْتُ مِنْهَا (١): "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ) هو استفهام على جهة الإنكار والتوبيخ على أن يقول الإنسان عن نفسه من الخير ما لا يفعله، أما في الماضي فيكون كذبًا، أو في المستقبل فيكون خُلْفًا، وكلاهما مذموم، وهذا معنى ما في قوله تعالى: {كَبُرَ مَقْتًا عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ (٣)} [الصف: ٣]، وأما في هذا الحديث فإنما يتناول أن يُخبر عن نفسه بشيء فعله فيما مضى، ويتمدّح به فقط، بدليل قوله -صلى الله عليه وسلم-: (فَتُكْتَبُ) بالرفع؛ أي فهي تكتب، وَيحْتَمِل أن يكون منصوب بعد الفاء السببيّة، لكن الأول أظهر، كما يدلّ عليه رفع قوله: "فتُسألون"، والله تعالى أعلم. (شَهَادَةً فِي أَعْنَاقِكُمْ، فَتُسْأَلُونَ) ولفظ أبي نعيم: "ثم تسألون" (عَنْهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ") هو معنى قوله تعالى: {وَكُلَّ إِنْسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنْشُورًا (١٣) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (١٤)} [الإسراء: ١٣ - ١٤].

قال الحافظ ابن كثير رحمهُ اللهُ: قال معمر: وتلا الحسن البصريّ: {عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ} يا ابن آدم بُسِطَت لك صحيفتك، وَوُكِّل بك ملكان كريمان، أحدهما عن يمينك، والآخر عن شمالك، فأما الذي عن يمينك فيحفظ حسناتك، وأما الذي عن شمالك فيحفظ سيئاتك، فاعمل ما شئت، أقلل أو أكثر، حتى إذا مُتَّ طُوِيت صحيفتك، فجعلت في عنقك معك في قبرك، حتى تخرج يوم القيامة كتابأ تلقاه منشورًا: {اقْرَأْ كِتَابَكَ} الآية، فقد عَدَلَ والله مَن جعلك حسيب نفسك، قال ابن كثير -رضي الله عنه-: هذا من أحْسَن كلام الحسن رحمهُ اللهُ. انتهى (٢)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي موسى الأشعريّ -رضي الله عنه- هذا من أفراد المصنّف رحمهُ اللهُ.


(١) وفي نسخة: "قد حفِظت منها".
(٢) "تفسير ابن كثير" ٣/ ٢٩.