للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

بالاشتراك على ما يقابل الجوهر، وعلى كل ما يَعْرِض للشخص، من مرض ونحوه.

وقال أبو عبد الملك البونيّ فيما نقله ابن التين عنه قال: اتَّصل بي عن شيخ من شيوخ القيروان أنه قال: العرض بتحريك الراء: الواحد من العُرُوض التي يُتَّجَر فيها، قال: وهو خطأ، فقد قال الله تعالى: {يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الْأَدْنَى} الآية [الأعراف: ١٦٩]، ولا خلاف بين أهل اللغة في أنه ما يَعْرِض فيه، وليس هو أحد العروض التي يُتَجَر فيها، بل واحدها عَرْض بالإسكان، وهو ما سوى النقدين.

وقال أبو عبيد: العروض: الأمتعة، وهي ما سوى الحيوان والعقار، وما لا يدخله كيل ولا وزن، وهكذا حكاه عياض وغيره.

وقال ابن فارس: العرض بالسكون: كلُّ ما كان من المال غير نقد، وجمعه عُرُوضٌ، وأما بالفتح فما يصيبه الإنسان من حظه في الدنيا، قال تعالى: {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا} الآية [الأنفال: ٦٧]، وقال: {وَإِنْ يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مِثْلُهُ يَأْخُذُوهُ} الآية [الأعراف: ١٦٩]. انتهى (١).

[تنبيه]: "عن كثرة العرض" "عن" هنا سببيّة، قاله في "الفتح"، وقال في "الطرح": "عن" هنا يَحْتَمِل معناها أوجهًا:

[أحدها]: أن تكون للتعليل، كما قيل في قوله تعالى: {وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ} [هود: ٥٣]، وقوله تعالى: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ} [التوبة: ١١٤]؛ أي ليس عِلّيّة الغنى وسببه كثرة العرض.

[ثانيها]: أن تكون للظرفية؛ أي ليس الغنى في كثرة العرض.

[ثالثها]: أنها بمعنى الباء، كما في قوله تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣)} أي بالهوى؛ أي ليس الغنى بكثرة العرض. انتهى (٢).

(وَلَكِنَّ الْغِنَى غِنَى النَّفْسِ") معنى الحديث: ليس الغنى الحقيقيّ المعتبر من كثرة المال، بل هو من استغناء النفس، وعدم الحرص على الدنيا، ولهذا


(١) "الفتح" ١٤/ ٥٥٨ "كتاب الرقاق" رقم (٦٤٤٦).
(٢) "طرح التثريب" ٤/ ٨٠ - ٨١.