للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وزَهْرة هي قراءة أهل الحرمين، وأكثر الآثار على ذلك. انتهى (١).

وقال في "الفتح": "الزهرة" -بفتح الزاي، وسكون الهاء-، وقد قُرئ في الشاذّ عن الحسن وغيره بفتح الهاء، فقيل: هما بمعنى، مثلُ جَهْرَة، وجَهَرَة، وقيل: بالتحريك جمع زاهر، كفاجر وفَجَرَة، والمراد بالزهرة الزينة، والبهجة، كما في الحديث، والزهرة مأخوذة من زَهْرة الشجر، وهو نَوْرُها -بفتح النون- والمراد ما فيها من أنواع المتاع، والعين، والثياب، والزرع، وغيرهما مما يفتخر الناس بحسنه مع قلّة البقاء. انتهى (٢).

(فَقَالَ رَجُلٌ) قال الحافظ رحمهُ اللهُ: لم أقف على اسمه (يَا رَسُولَ اللهِ، أَيَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ؟) وفي رواية مالك التالية: "وهل يأتي الخير بالشرّ؟ "، وفي رواية هلال بن ميمونة الآتية: "أوَ يأتي الخير بالشرّ؟ " بفتح واو "أَوَ"، والهمزة للاستفهام، والواو عاطفة على مقدّر؛ أي أتصير النعمة عقوبة؟؛ لأن زهرة الدنيا نعمة من الله تعالى، فهل تعود هذه النعمة نقمةً؟، وهو استفهام استرشاد، لا إنكار، والباء في قوله: "بالشرّ" صلة ليأتي؛ أي هل يستجلب الخيرُ الشرّ؟ (٣).

وقال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: قوله: "وهل يأتي الخير بالشرّ؟ " سؤالُ مَنِ استبعد حصول شرّ من شيء سمّاه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "بركات"، وسمّاه خيرًا في قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ (٨)} [العاديات: ٨] وشِبْهِهِ مما سُمّي المال فيه خيرًا، فلما فَهِم -صلى الله عليه وسلم- سؤاله هذا الاستبعاد أجابه جواب من بقي عنده اعتقاد أن الخير الذي هو المال قد يَعرِض له أن يحصل عنه شرّ؛ إذا تعدّى به حدّه، وأسرف فيه، ومنع من حقّه، ولذلك قال: "أَوَ خيرٌ هو؟ " -بهمزة الاستفهام، وواو العطف الواقعة بعدها المفتوحةِ على الرواية الصحيحة- مُنكِرًا على من توهّم أنه يحصل منه شرّ أصلًا، لا بالذات، ولا بالْعَرَض. انتهى (٤).

وقال الطيبيّ رحمهُ اللهُ: قوله: "أوَ يأتي الخير بالشرّ؟ " الاستفهام فيه استرد منهم، ومن ثَمَّ حَمِدَ -صلى الله عليه وسلم- السائل، والباء في "بالشرّ" صلة "يأتي"؛ يعني هل


(١) لسان العرب في مادّة زهر.
(٢) "الفتح" ١٣/ ٢٣ - ٢٤.
(٣) "الفتح" ٢٤/ ١٣.
(٤) المفهم ٣/ ٩٦.