وقوله:(يَمْسَحُ عَنْهُ الرُّحَضَاءَ) -بضم الراء، وفتح الحاء المهملة، والضاد المعجمة-: هو عَرَقٌ يغسل الجلد لكثرته، وكثيرًا ما يُستَعْمَل في عرق الْحُمَّى والمرضى، وقال الأصمعيّ: الرُّحَضاء: الْعَرَق حتى كأنه رُحِضَ جَسَدُه من العَرَق: أي غسل، ووزنه فُعَلاء -بضم الفاء، وفتح العين- وجاءت أمثلة على هذا الوزن منها الْعُدَواء: الشغل، والْعُرَواء: الرِّعْدة، والخيلاء، من الاختيال والتكبر، والصُّعَداء، من قولهم: هو يتنفس الصُّعَداء من غم؛ أي يصاعد نفسه، قاله في "العمدة".
وقوله: ("إِنَّ هَذَا السَّائِلُ") قال النوويّ رحمهُ اللهُ: هكذا هو في بعض النسخ، وفي بعضها "أَيْنَ"، وفي بعضها "أَنَّى"، وفي بعضها "أي " وكله صحيح، فمن قال:"أنَّى"، أو "أين" فهما بمعنى، ومن قال:"إنّ" فمعناه -والله أعلم- إن هذا هو السائلُ الممدوحُ الحاذقُ الفَطِنُ، ولهذا قال:"وكأنه حمده"، ومن قال:"أيّ" فمعناه أيكم، فحذف الكاف والميم، والله أعلم. انتهى كلام النووي رحمهُ اللهُ (١).
قال الجامع عفا الله عنه: ظاهر قول النوويّ رحمهُ اللهُ: "إن هذا هو السائل … إلخ" أن "السائل " مرفوع، على الخبريةّ لـ"إنّ"، واسمها اسم الإشارة، وَيحْتَمِلُ أن يكون "السائل" بالنصب نعتًا لاسم الإشارة، وخبر "إنّ" محذوف؛ أي ممدوح، أو نحو ذلك، والله تعالى أعلم.
وقوله:(وَكَأَنَّهُ حَمِدَهُ) أي وكأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- حَمِدَ السائل، وكان الناس ظَنُّوا أنه -صلى الله عليه وسلم- أنكر مسألته، فلما رأوه يَسأل عنه سُؤال راضٍ عَلِمُوا أنه حمده.
وقوله:(إِنَّهُ لَا يَأْتِي الْخَيْرُ بِالشَّرِّ) أي إن ما قضى الله أن يكون خيرًا يكون خيرًا، وما قضاه أن يكون شرًّا يكون شرًّا، وإن الذي خِفْتُ عليكم تضييعُكُم نعم الله، وصرفُكُم إياها في غير ما أمر الله، ولا يتعلق ذلك بنفس النعمة، ولا يُنسَب إليها، ثم ضَرَب لذلك مثلًا، فقال:"وإن مما يُنبت الربيع … " إلخ.
وقوله:(يَقْتُلُ، أَوْ يُلِمُّ) هكذا هو في هذه الرواية، فلا بدّ من تقدير "ما"