للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لأن قوله: "ينبت الربيع" فعلٌ وفاعلٌ، ولا يصلح أن يكون لفظ "يقتُلُ" مفعولًا إلَّا بتقدير "ما"، وتقدّم بلفظ: "إن كلّ ما يُنبت الربيع يقتُل حَبَطًا، أو يُلمّ"، أفاده في "العمدة".

وقيل في توجيهه: إمّا أن تكون "مِنْ" في قوله: "مما ينبت" تبعيضيّة، وهي اسم عند بعض النحاة، وجعلوا منه قوله تعالى: {فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَرَاتِ رِزْقًا لَكُمْ} الآية [البقرة: ٢٢] فأعربوا "من الثمرات" مفعولَ "أخرج"، ورزقًا مفعولًا لأجله (١)، فتكون "من" هنا اسم "إنّ"، و"يَقتُل" خبرها.

ويَحْتَمِل أن كلمة "ما" مقدّرة، والموصول مع صلته اسم "إنّ"، وحَذفُ الموصول، وإبقاء صلته جائز في كلام العرب، كقول حسّان -رضي الله عنه-[من الطويل]: أَمَنْ يَهْجُو رَسُولَ اللهِ مِنْكُمْ … وَيَمْدَحُهُ وَنْصْرُهُ سَوَاءُ

إذ تقديره: ومن يمدحه إلخ (٢)، والجارّ والمجرور في قوله: "مما يُنبت" خبر مقدّم، والله تعالى أعلم.

وقوله: "حَبَطًا" -بفتح الحاء المهملة، وفتح الباء الموحدة- وانتصابه على التمييز، وهو داءٌ يصيب الإبل، وقال ابن سِيدَهْ: هو وَجَعٌ يأخذ البعير في بطنه، من كلأ يستوبله. انتهى.

وقوله: "أو يُلِمّ" من الإلمام؛ أي: أو يَقْرُب ويدنو من الهلاك.

وقوله: (حَتى إِذَا امْتَلَأَتْ خَاصِرَتَاهَا) أي امتلأت شِبَعًا، وعَظَم جَنْبَاها، والخاصرة الجنب.

وقوله: (ثُمَّ رَتَعَتْ) أي رَعَتْ.

وقوله: (خَضِرٌ، حُلْوٌ) -بفتح الخاء وكسر الضاد المعجمتين- وإنما سُمّي الخضر خَضِرًا؛ لحسنه، ولإشراق وجهه، والْخضر عبارة عن الحسن، وهي من أحسن الألوان، ويروى خَضِرَة بتاء التانيث، وتقدّم توجيهه.

(ونِعْمَ صَاحِبُ الْمُسْلِمِ هُوَ … إلخ) يقول: إن من أُعطي مالًا، وسُلِّط على هَلَكته في الحقّ، فأعطى مِن فضله المسكين وغيره، فهذا المال المرغوب فيه.


(١) راجع: "همع الهوامع" للسيوطي في النحو في باب المجرورات ٢/ ٣٨٢.
(٢) راجع: حاشية الخضري على ابن عقيل في باب الموصول ١/ ١٠٤.