للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ) -رضي الله عنه- أنه (قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "اللَّهُمَّ اجْعَلْ رِزْقَ آلِ مُحَمَّدٍ) أي زوجاته، ومن في نفقته، أو هم مؤمنو بني هاشم والمطلب (قُوتًا") أي بُلْغَة تَسُدّ رَمَقَهم، وتُمسك قُوَّتهم، بحيث لا تُرهقهم الفاقة، ولا يكون فيه فُضول يُفضي إلى تَرَفُّه وتبَسُّط؛ ليسلموا من آفات الفقر والغنى (١).

وسيأتي في "كتاب الزهد والرقائق" بلفظ: "اللهم اجعل رزق آل محمد كفَافًا"، وهذه الرواية هي المعتمدة من حيث المعنى، فإن لفظ "قوتًا" صالح لأن يكون دعاء بطلب القوت في ذلك اليوم، وأن يكون طلب لهم القوت، بخلاف لفظ "كَفَافًا"، فإنه يُعَيِّن الاحتمال الثاني، وهو الدلالة على الكفاف، أفاده في "الفتح" (٢).

وقال القرطبيّ رحمهُ اللهُ: معناه: ارزقهم ما يقوتهم، ويكفيهم، بحيث لا يشوّشهم الجهد، ولا ترهقهم الفاقة، ولا تُذلّهم المسألة والحاجة، ولا يكون أيضًا في ذلك فُضُول يُخرِج إلى الترفّه، والتبسّط في الدنيا، والركون إليها. انتهى (٣).

وقال الطيبيّ رحمهُ اللهُ: الكفاف: هو الذي لا يفضل عن الشيء، ويكون بقدر الحاجة إليه، قال: هذه الرواية -يعني رواية "كفَافًا"- مفسّرة للرواية الأولى؛ لأن القوت ما يُسَدّ به الرَّمَقُ، قيل: سُمّي قوتًا؛ لحصول القوّة منه، سَلَك -صلى الله عليه وسلم- طريق الاقتصاد المحمود، فان كثرة المال تُلهي، وقِلّته تُنسي، فما قلّ منه وكَفَى خير مما كَثُر وألهى. انتهى (٤)، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.

مسائل تتعلّق بهذا الحديث:

(المسألة الأولى): حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- هذا متّفقٌ عليه.


(١) راجع: "التيسير بشرح الجامع الصغير" (١/ ٢٠٦).
(٢) "الفتح" ١٤/ ٥٩٤ "كتاب الرقاق" رقم (٦٤٦٨).
(٣) "المفهم" ٣/ ١٠٠.
(٤) "الكاشف عن حقائق السنن" ١٠/ ٢٢٧٩.