للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الواقديّ في "المغازي"، قاله في "الفتح" (١). (لَمْ يُعْطِهِ، وَهُوَ أَعْجَبُهُمْ إِلَىَّ) أي أفضلهم عندي (فَقُمْتُ إِلَى رَسُول اللهِ - صلى الله عليه وسلم -، فَسَارَرْتُهُ) أي كلّمته سرًّا، فيه التأدب مع الكبار، وأنهم يُسَارُّون بما كان من باب التذكير لهم، والتنبيه، ونحوه، ولا يُجاهَرُون به، فقد يكون في المجاهرة به مفسدة (٢).

(فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ؟) أي أيُّ شيء حملك على العدول عن إعطاء فلان؟ إلى إعطاء غيره (وَاللهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا) قال النوويّ رحمه اللهُ: هو بفتح الهمزة؛ أي لأعمله، ولا يجوز ضمها، فيصيرَ بمعنى أظنه؛ لأنه قال بعد ذلك: "غَلَبني ما أعلم منه"، ولأنه راجع النبيّ - صلى الله عليه وسلم - ثلاث مرّات، ولو لم يكن جازمًا باعتقاده لَمَا كرّر المراجعة. انتهى.

وقد تعقّبتُ قول النوويّ هذا في "كتاب الإيمان"، فارجع إليه، وبالله تعالى التوفيق.

(قَالَ) - صلى الله عليه وسلم - ("أَوْ مُسْلِمًا") "أَوْ" هنا للإضراب، بمعنى "بل"، قال القرطبىّ رحمه اللهُ: الرواية بسكون الواو، وقد غَلِطَ مَن فَتَحها، وأحال المعنى؛ لأن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - لم يُرِد استفهامه، وإنما أشار له إلى القسم الآخر المختصّ بالظاهر الذي يُمكن أن يُدرَكَ، فجاء بـ "أو" التي للتقسيم والتنويع. انتهى (٣).

قَالَ سعد - رضي الله عنه - (فَسَكَتُّ قَلِيلًا) نُصب على أنه صفة لمصدر محذوف: أي سُكوتًا قليلًا (ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ) "ما" موصولة في محلّ رفع على الفاعليّة بـ "غلبني" (فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ؟ فَوَاللهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا، قَالَ: "أَوْ مُسْلِمًا"، فَسَكَتُّ قَلِيلًا، ثُمَّ غَلَبَنِي مَا أَعْلَمُ مِنْهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا لَكَ عَنْ فُلَانٍ؟ فَوَاللهِ إِنِّي لَأَرَاهُ مُؤْمِنًا، قَالَ: "أَوْ مُسْلِمًا" قَالَ: "إنِّي لَأُعْطِي الرَّجُلَ) فيه حذف المفعول الثاني؛ للتعميم، أَيْ أَيَّ عَطاء كان (وَغيْرُهُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْهُ) جملة اسميّة في محلّ نصب على الحال من الفاعل، أو المفعول (خَشْيَةَ) منصوب على أنه مفعول لأجله لـ "أُعطي"؛ أي لأجل خشية أن يكبّه الله في النار، فـ "خشيةَ" مضاف إلى (أَنْ يُكَبَّ) و"أن" مصدريّة، و"يُكبّ" بالبناء


(١) "الفتح" ١/ ١٠٠ "كتاب الإيمان" رقم (٢٧).
(٢) "شرح النوويّ" ٧/ ١٤٩.
(٣) "المفهم" ١/ ٣٦٦.