للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شرح الحديث:

(عَنِ ابْنِ شِهَابٍ) الزهريّ، أنه (أَخْبَرَنِي أنسُ بْنُ مَالِكٍ) - رضي الله عنه - (أَن أُنَاسًا) المراد بعض الأناس، وهم قومٌ حديثة أسنانهم، فلم يرسخ الإيمان في قلوبهم، كما يدلّ عليه قولهم الآتي: "فقال فقهاء الأنصار: أما ذوو رأينا يا رسول الله، فلم يقولوا شيئًا، وأما أناس منّا حديثة أسنانهم قالوا: يغفر الله لرسوله - صلى الله عليه وسلم - … ".

وقوله: (مِنَ الْأنصَارِ) جمع ناصر، أو نصير، واللام فيه للعهد، والمراد أنصار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الأوس والخزرج، وكانوا يعرفون قبل الإسلام بأبناء قَيْلَةَ، وهي الأم التي تجمع القبيلتين، فسماهم النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الأنصار، فصار عَلَمًا لهم، ونَزَلَ القرآن بمدحهم، وقد أُطلق على أولادهم، وحلفائهم ومواليهم، وإنما فازوا بهذه المنقبة؛ لأجل إيوائهم النبىّ - صلى الله عليه وسلم -، ونصرته، حيث تبوؤوا الدار والإيمان، وجعلوه مُسْتَقَرًّا ومُتَوَطَّنًا لهم؛ لتمكنهم منه، واستقامتهم عليه، كما جعلوا المدينة كذلك، فكان ذلك موجبًا لمحبّتهم، فكانت محبّتهم علامة الإيمان، وبغضهم علامة النفاق، فقد أخرج الشيخان عن أنس - رضي الله عنه -، عن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "آية الإيمان حبّ الأنصار، وآية النفاق بغض الأنصار"، فسبحان من يختصّ برحمته من يشاء، اللهمّ اختصّنا بفضلك ورحمتك، وأنت أرحم الراحمين.

(قَالُوا) مقول القول قوله الآتي: "يغفر الله لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - "، وما بينهما اعتراض (يَوْمَ حُنَيْنٍ) بصيغة التصغير؛ أي يوم غزوة حُنَين، وهو: وادٍ بين مكة والطائف، وهو مذكّر منصرف، وقد يؤنث على معنى البقعة، وقصّة حنين أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - فتح مكة في رمضان سنة ثمان، ثم خرج منها لقتال هَوَازن وثقيف، وقد بقيت أيام من رمضان، فسار إلى حُنين، فلما التقى الجمعان انكشف المسلمون، ثم أمدّهم الله بنصره، فعطفوا، وقاتلوا المشركين، فهزموهم، وغَنِموا أموالهم وعيالهم، ثم صار المشركون إلى أوطاس، فمنهم من سار على نَخْلة اليمانية، ومنهم من سلك الثنايا، وتبعت خيل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مَن سَلَك نَخْلَة، ويقال: أقام - صلى الله عليه وسلم - عليها يومًا وليلة، ثم صار إلى أوطاس، فاقتتلوا، وانهزم المشركون إلى الطائف، وغَنِم المسلمون منها أيضًا أموالهم وعيالهم،