للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

ثم صار إلى الطائف، فقاتلهم بقية شوال، فلما أَهَلّ ذو القعدة ترك القتال؛ لأنه شهرٌ حرامٌ، ورحل راجعًا، فنزل الْجِعْرانة، وأمر بحبس الغنائم بها، فلما رجع من الطائف وصل إلى الجعرانة في خامس ذي القعدة، وإنما أخّر القسمة رجاءَ أن يُسلموا، وكانوا ستة آلاف نفس من النساء والأطفال، وكانت الإبل أربعة وعشرين ألفًا، والغنم أربعين ألف شاة (١).

(حِينَ أفَاءَ اللهُ عَلَى رَسُولِهِ) أي أعطاه غنائم الذين قاتلهم يوم حنين، وأصل الفيء الردّ والرجوع، ومنه سُمّي الظل بعد الزوال فيئًا؛ لأنه رجع من جانب إلى جانب، فكأن أموال الكفار سميت فيئًا؛ لأنها كانت في الأصل للمؤمنين؛ إذ الإيمان هو الأصل، والكفر طارئ عليه، فإذا غلب الكفار على شيء من المال، فهو بطريق التعدي، فإذا غَنِمَه المسلمون منهم، فكأنه رجع إليهم ما كان لهم.

وقوله: (مِنْ أَمْوَالِ هَوَازِنَ) بيان مقدّم لـ"ما" في قوله: "ما أفاء".

و"هَوَازن": اسم قبيلة من قيس، وهو هوازن بن سعد بن منصور بن عكرمة بن خَصَفَةَ بن قيس عيلان، قال الأزهريّ: لا أدري ممّ اشتقاقه، والنسبة إليه هَوَازنيّ؛ لأنه قد صار اسمًا للحيّ، ولو قيل: هَوْزنيّ لكان وجهًا، قاله في "التاج" (٢).

(مَا أفَاءَ) "ما" موصولة، والعائد محذوف؛ أي الذي أفاءه؛ أي ردّه الله عليه (فَطَفِقَ) أي شرع، وأخذ، وهو بكسر الفاء، وفتحها، يقال: طَفِقَ يفعل كذا، كفَرِحَ وضَرَبَ طَفْقًا وطُفُوقًا: إذا واصل الفعل، وهو خاصّ بالإثبات، فلا يقال: ما طَفِقَ، وطَفَقَ بمراده: ظَفِرَ، وأطفقه الله به، وطَفِقَ الموضعَ، كفرحَ: لَزِمَه، قاله في "القاموس" (٣).

وقال القرطبيّ رحمه اللهُ: قوله: "فطَفِق … إلخ" أي جعل، وهي من أخوات "كاد"، إلا أنها متّصلة بالفعل الذي هو خبرها، و"كاد" مقاربة مفارقة. انتهى (٤).


(١) راجع: "الفتح" ١٣/ ٤٥٦ بزيادة من غيره.
(٢) "تاج العروس من جواهر القاموس" ٩/ ٣٦٧.
(٣) "القاموس المحيط" ٣/ ٢٥٨.
(٤) "المفهم" ٣/ ١٠٣ - ١٠٤.