للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

تأويله: أنه ارتفع النجم من المشرق وسقط نظيره في المغرب، أي مطرنا بما ناء به هذا النجم.

وقال أبو عبيد: الأنواء ثمانية وعشرون نجمًا معروفةَ المطالع في أزمنة السنة كلها، من الصيف، والشتاء، والربيع، والْخَرِيف يَسْقُط منها في كل ثلاث عشرة ليلةً نجم في المغرب مع طلوع الفجر، ويطلع آخر يقابله في المشرق من ساعته، وكلاهما معلومٌ مُسَمّى، وانقضاء هذه الثمانية وعشرين كلها مع انقضاء السنة، ثم يرجع الأمر إلى النجم الأول مع استئناف السنة المقبلة، وكانت العرب في الجاهلية إذا سَقَط منها نجم وطلع آخر، قالوا: لا بُدّ من أن يكون عند ذلك مطرٌ أو رياح، فينسبون كلَّ غيب يكون عند ذلك إلى ذلك النجم، فيقولون: مُطرنا بنوء الثُّرَيّا، والدَّبَران، والسِّمَاك، والأَنْوَاء واحدها نَوْءٌ.

قال: وإنما سُمِّي نَوْءًا؛ لأنه إذا سقط الساقط منها بالمغرب ناء الطالع بالمشرق، يَنُوءُ نَوْءًا: أي نَهَضَ وطَلَع، وذلك النهوض هو النوء، فسُمِّي النجم به، وذلك كلُّ ناهض بِثِقَلٍ وإبطاء فإنه ينوء عند نهوضه، وقد يكون النَّوءُ السقوطَ، قال: ولم أَسْمَع أن النوء السقوط إلا في هذا الموضع.

وقال شَمِر: هذه الثمانية وعشرون التي أراد أبو عبيد هي منازل القمر، وهي معروفة عند العرب وغيرهم من الفرس والروم والهند، لم يختلفوا في أنها ثمانية وعشرون، يَنْزِل القمر كل ليلة في منزلة منها، ومنه قوله تعالى: {وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ} [يس: ٣٩]، قال شمر: وقد رأيتها بالهندية والرومية والفارسية مترجمة، قال: وهي بالعربية فيما أخبرني به ابن الأعرابيّ: الشَّرَطَان، والْبَطِينُ، والنَّجْم، والدَّبَرَانُ، والْهَقْعَة، والْهَنْعَةُ، والذِّرَاعُ، والنَّثْرَةُ، والطَّرْفُ، والْجَبْهَةُ، والْخَرَاتَان، والصَّرْفَةُ، والْعَوَّاءُ، والسِّمَاكُ، والْغَفْرُ، والزُّبَانَى، والإِكْلِيلُ، والْقَلْبُ، والشَّوْلَةُ، والنَّعَائِمُ، والْبَلْدَةُ، وسَعْدُ الذَّابِح، وسَعْدُ بُلَعَ، وسَعْدُ السُّعُود، وسَعْدُ الأَخْبِيَة، وفَرْغُ الدَّلْوِ الْمُقَدَّمُ، وفَرْغُ الدَّلوِ الْمُؤَخَّرُ، والْحُوتُ، قال: ولا تَسْتَنِيء العرب بها كُلِّها، إنما تَذكُر بالأنواء بعضَها، وهي معروفة في أشعارهم وكلامهم.

وكان ابن الأعرابي يقول: لا يكون نَوْءٌ حتى يكون معه مطر وإلا فلا نَوْء.