لأنه لم يقع في شيء من طُرُق الحديث بين الكفر والشرك واسطة، فيحمل الكفر فيه على المعنيين لتناول الأمرين، والله أعلم.
ولا يَرِدُ الساكت، لأن المعتقد قد يَشْكُر بقلبه أو يكفر، وعلى هذا فالقول في قوله:"فأما من قال" لِمَا هو أعمّ من النطق والاعتقاد، كما أن الكفر فيه لِمَا هو أعمّ من كفر الشرك وكفر النعمة. انتهى ما في "الفتح" ببعض تصرّف (١).
والله أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الخامسة): ما جاء في "النَّوْءِ":
قال ابن منظور رحمه الله تعالى:"النَّوْء": النجم إذا مال للمغيب، والجمع أنواء ونُوْآن، حكاه ابن جني مثل عَبْد وعُبْدَان، وبَطْنٍ وبُطْنَان. قال حسان بن ثابت - رضي الله عنه -[من المتقارب]:
وقيل: معنى النَّوْء سقوط نجم من المنازل في المغرب مع الفجر وطلوع رقيبه، وهو نجم آخر يقابله من ساعته في المشرق، في كل ليلة إلى ثلاثة عشر يومًا، وهكذا كلُّ نجم منها إلى انقضاء السنة ما خلا الْجَبْهَةَ، فإن لها أربعة عشر يومًا، فتنقضي جميعها مع انقضاء السنة، وإنما سُمِّي نَوْءًا؛ لأنه إذا سقط الغارب ناء الطالع، وذلك الطلوع هو النوء، وبعضهم يجعل النَّوء السقوط، كأنه من الأضداد، قال أبو عبيد: ولم يُسْمَع في النوء أنه السقوط إلا في هذا الموضع، وكانت العرب تُضيف الأمطار والرياح والحر والبرد إلى الساقط منها، وقال الأصمعيّ: إلى الطالع منها في سلطانه، فتقول: مُطِرنا بنوء كذا.
وقال الزجاج في بعض "أماليه": معنى مُطِرنا بِنَوء كذا: أي مُطِرنا بطلوع نجم وسقوط آخر، قال: والنَّوءُ على الحقيقة سقوط نجم في المغرب، وطلوع آخر في المشرق، فالساقطة في المغرب هي الأنواء، والطالعة في المشرق هي الْبَوَارحُ، قال: وقال بعضهم: النوء ارتفاع نجم من المشرق وسقوط نظيره في المغرب، وهو نظير القول الأول، فإذا قال القائل: مُطِرنا بنوء الثُّرَيّا، فإنما