للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لشدّة النزع، وسُرعة السهم سبق خروجه خروج الدم، بحيث لا يتعلّق به شيء ظاهر، كما قال: "سبق الفرث والدم".

وبظاهر هذا التشبيه تمسّك من حكم بتكفيرهم من أئمّتنا، وقد توقّف في تكفيرهم كثير من العلماء؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "فيتمارى في الْفُوقة"، وهذا يقتضي بأنه يُشكّ في أمرهم، فيُتوقّف فيهم، وكان القول الأول أظهر من الحديث، فعلى القول بتكفيرهم يقاتلون، ويُقتلون، وتُسبى أموالهم، وهو قول طائفة من أهل الحديث في أموال الخوارج، وعلى قول من لا يُكفّرهم لا يُجهّز على جريحهم، ولا يُتبع منهزمهم، ولا تُقتل أَسْراهم، ولا تستباح أموالهم، وكلُّ هذا إذا خالفوا المسلمين، وشَقُّوا عصاهم، ونصبوا راية الحرب، فأما من استتر ببدعته منهم، ولم يَنصب راية الحرب، ولم يخرُج عن الجماعة، فهل يُقتل بعد الاستتابة، أو لا يُقتل، وإنما يُجتَهَدُ في ردّ بدعته، وردّه عنها؟ اختُلف في ذلك، وسبب الخلاف في تكفير من هذه حاله أن باب التكفير بابٌ خطيرٌ، أقدم عليه كثيرٌ من الناس، فسقطوا، وتوقّف فيه الفحول، فسَلِموا، ولا نعدل بالسلامة شيئًا. انتهى كلام القرطبيّ رَحِمَهُ اللهُ (١)، وهو كلام نفيسق، والله تعالى أعلم.

وقوله: (آيَتُهُمْ) أي علامتهم، ووقع في رواية ابن أبي مريم، عن عليّ، عند الطبريّ: "علامتهم".

وقوله: (إِحْدَى عَضُدَيْهِ) قال الفيّوميّ رَحِمَهُ اللهُ: "الْعَضُدُ": ما بين الْمِرْفَق إلى الكتف، وفيها خمس لغات: وزانُ رَجُلٍ، وبضمتين، في لغة الحجاز، وقرأ بها الحسن في قوله تعالى: {وَمَا كُنْتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُدًا} [الكهف: ٥١]، ومثال كَبِلإ، في لغة بني أسد، ومثال فَلْسٍ، في لغة تميم، وبكر، والخامسة وزانُ قُفْلٍ. قال أبو زيد: أهل تهامة يؤنثون العضد، وبنو تميم يذكّرون، والجمع: أَعْضُدٌ، وأَعْضَادٌ، مثل أَفْلُسٍ، وأَقْفَالٍ، وفلانٌ عَضُدي: أي مُعْتَمَدي، على الاستعارة. انتهى (٢).

ووقع في رواية البخاريّ: "رجل إحدى يديه، أو قال: ثدييه"، قال في


(١) "المفهم" ٣/ ١١٠ - ١١١.
(٢) "المصباح المنير" ٢/ ٤١٥.