للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي "الأوسط" للطبراني من طريق أبي السائغة، عن جندب بن عبد الله البجليّ قال: لما فارقت الخوارج عليًّا خرج في طلبهم، فانتهينا إلى عسكرهم، فإذا لهم دَوِيّ كدويّ النحل من قراءة القرآن، وإذا فيهم أصحاب البرانس؛ أي الذين كانوا معروفين بالزهد والعبادة، قال: فدخلني من ذلك شدّة، فنزلت عن فرسي، وقمت أُصلي، فقلت: اللهم إن كان في قتال هؤلاء القوم لك طاعة، فائذن لي فيه، فمَرّ بي عليٌّ، فقال لما حاذاني: تعوّذ بالله من الشكّ يا جندب، فلما جئته أقبل رجل على بِرْذَون يقول: إن كان لك بالقوم حاجة، فإنهم قد


= فأمر الله تبارك وتعالى أن يحكموا فيه، أرأيت قول الله تبارك وتعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: ٩٥]، وكان من حكم الله أنه صَيّره إلى الرجال، يحكمون فيه، ولو شاء يحكم فيه، فجاز من حكم الرجال، أنشدكم بالله أحكم الرجال في صلاح ذات البين، وحقن دمائهم أفضل، أو في أرنب؟ قالوا: بلى، بل هذا أنضل، وفي المرأة وزوجها: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِنْ أَهْلِهَا} [النساء: ٣٥]، فنشدتكم بالله حكم الرجال في صلاح ذات بينهم، وحقن دمائهم أفضل من حكمهم في بضع امرأة خرجت من هذه؟ قالوا: نعم، قلت: وأما قولكم: قاتل، ولم يَسْبِ، ولم يَغْنَم؟ أفتسبون أمكم عائشة، تستحلون منها ما تستحلون من غيرها، وهي أمكم؟ فإن قلتم: إنا نستحل منها ما نستحل من غيرها، فقد كفرتم، وإن قلتم: ليست بأمنا فقد كفرتم: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} [الأحزاب: ٦]، فأنتم بين ضلالتين، فأتوا منها بمخرج، أفخرجتُ من هذه؟ قالوا: نعم، وأما مَحْيُ نفسه من أمير المؤمنين، فانا آتيكم بما ترضون، أن نَبِيّ الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الحديبية صالح المشركين، فقال لعليّ: اكتب يا عليّ: هذا ما صالح عليه محمد رسول الله، قالوا: لو نعلم أنك رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما قاتلناك، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "امح يا عليّ، اللهم إنك تعلم أني رسول الله، امح يا عليّ، واكتب: هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله"، واللهِ لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- خير من عليّ، وقد مَحَى نفسه، ولم يكن محوه نفسه ذلك محاه من النبوة، أخرجتُ من هذه؟ قالوا: نعم، فرجع منهم ألفان، وخرج سائرهم، فقُتلوا على ضلالتهم، قَتَلهم المهاجرون والأنصار. انتهى.
قال الجامع: إسناد هذا الحديث صحيح، ورجاله رجال الصحيح، أبو زميل أخرج له مسلم، والباقون متّفقٌ عليهم.