للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وهذا قد يخالف حديث أبي سعيد المتقدّم فإن مقتضاه أنهم خرجوا في خلافة عليّ، وكذا أكثر الأحاديث الواردة في أمرهم.

وأجاب ابن التين بان المراد زمان الصحابة، وفيه نظر؛ لأن آخر زمان الصحابة كان على رأس المائة، وهم قد خرجوا قبل ذلك بأكثر من ستين سنة.

قال الحافظ رَحِمَهُ اللهُ: ويمكن الجمع بأن المراد بآخر الزمان زمان خلافة النبوة، فمان في حديث سفينة -رضي الله عنه- المخرَّج في "السنن"، و"صحيح ابن حبان"، وغيره مرفوعًا: "الخلافة بعدي ثلاثون سنةً، ثم تصير مُلْكًا"، وكانت قصة الخوارج، وقتلهم بالنهروان في أواخر خلافة عليّ -رضي الله عنه- سنة ثمان وعشرين، بعد النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بدون الثلاثين بنحو سنتين. انتهى كلام الحافظ رَحِمَهُ اللهُ (١)، وهو جمع حسنٌ جدًّا، والله تعالى أعلم.

(قَوْمٌ، أَحْدَاثُ الْأَسْنَانِ) "الأَحْدَاثُ" -بمهملة، ثم مثلثة-: جمع حَدَث- بفتحتين- والحدَث: هو الصغير السنّ، والأسنان جمع سِنّ، والمراد به العمر، والمراد أنهم صغار العمر.

(سُفَهَاة الْأَحْلَامِ) "السفهاء": جمع سَفِيه، وهو خفيف العقل، و"الأحلام" بالفتح: جمع حِلْم، بكسر أوله، والمراد به العقل، والمعنى أن عقولهم رديئة، قال النوويّ: يستفاد منه أن التثبت وقوة البصيرة تكون عند كمال السنّ، وكثرة التجارب، وقوة العقل، قال الحافظ: ولم يظهر لي وجه الأخذ منه، فإن هذا معلوم بالعادة، لا من خصوص كون هؤلاء كانوا بهذه الصفة. انتهى.

قال الجامع عفا الله عنه: لم يظهر لي وجه تعقّب الحافظ لاستنباط النوويّ، فانه واضحٌ، فتأمله، والله تعالى أعلم.

وقال الأبيّ رَحِمَهُ اللهُ -بعد نقل ما سبق في كلام النوويّ-: قال الماورديّ في "أدب الدنيا": من الناس من فَضّل رأي الشيوخ؛ لما ذُكر، وأنشد عليه [من الطويل]:

إِذَا طَالَ عُمْوُ الْمَرْءِ فِي غَيْرِ آفَةٍ … أَفَادَتْ لَهُ الأَيَّامُ فِي كَرِّهَا عَقْلَا

ومنهم من فضّل رأي من دونهم، وكان يقال: عليكم برأي من لم تبله


(١) "الفتح" ١٦/ ١٧٥ - ١٧١ كتاب "استتابة المرتدّين" رقم (٦٩٣٠).