للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

(المسألة الخامسة): ظاهر قوله - صلى الله عليه وسلم -: "لا تحلّ لنا الصدقة" يعمّ صدقة الفرض والتطوّع، وهو الحقّ.

قال في "الفتح": كان يحرم على النبيّ - صلى الله عليه وسلم - صدقة الفرض والتطوع، كما نَقَل فيه غير واحد منهم الخطابي الإجماع، لكن حَكَى غير واحد عن الشافعيّ في التطوع قولاً، وكذا في رواية عن أحمد، ولفظه في رواية الميمونيّ: لا يحل للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، وأهل بيته صدقة الفطر، وزكاة الأموال، والصدقة يصرفها الرجل على محتاج، يريد بها وجه الله، فأما غير ذلك فلا، أليس يقال: كلُّ معروف صدقة؟، قال ابن قدامة: ليس ما نُقِل عنه من ذلك بواضح الدلالة، وإنما أراد أن ما ليس من صدقة الأموال، كالقرض، والهدية، وفعل المعروف، كان غير محرَّم.

وقال الماورديّ: يحرم عليه كل ما كان من الأموال متقوَّماً، وقال غيره: لا تحرم عليه الصدقة العامّة، كمياه الآبار، وكالمساجد.

واختُلف هل كان تحريم الصدقة من خصائصه - صلى الله عليه وسلم - دون الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، أو كلّهم سواء في ذلك؟ (١).

قال الجامع عفا الله عنه: الذي يظهر لي أنهم في ذلك مثله - صلى الله عليه وسلم -؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - علّل تحريمها بكونها أوساخ الناس، وظاهر هذا يقتضي دخولهم في التحريم، فتأمله.

وقال الإمام ابن خزيمة - رحمه الله - في "صحيحه" (٤/ ٦٠ - ٦١): (٧٥) "باب ذكر الدليل على أن الصدقة المحرمة على النبيّ - صلى الله عليه وسلم - هي الصدقة المفروضة التي أوجبها الله في أموال الأغنياء لأهل سهمان الصدقة، دون صدقة التطوع، والدليل على أن النبيّ - صلى الله عليه وسلم - إنما قال: "إنا أهل بيت لا تحل لنا الصدقة" أي الصدقة التي هاج هذا الجوابَ، ومن أجلها قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم - هذه المقالة.

(٢٣٥٠) - قال أبو بكر في خبر أبي رافع: بعث النبيّ - صلى الله عليه وسلم - رجلاً من مخزوم على الصدقة، قال: اصحبني، قال النبيّ - صلى الله عليه وسلم -: إنما بعثت المخزوميّ


(١) "الفتح" ٤/ ٣٤٥ - ٣٤٦ كتاب "الزكاة" رقم (١٤٩١).