يعط أحداً من قبائل قريش غيرهم، وتلك العطية عِوَض عُوِّضُوه بدلاً عما حُرِموه من الصدقة، وعن أبي حنيفة، ومالك: بنو هاشم فقط، وعن أحمد في بني المطلب روايتان، وعن المالكية فيما بين هاشم، وغالب بن فهر قولان، فعن أصبغ منهم هم بنو قُصَيّ، وعن غيره بنو غالب بن فهر.
وقال الأمير الصنعانيّ - رحمه الله -: الأقرب في المراد بالآل ما فسّرهم زيد بن أرقم عند مسلم في "المناقب" في قصّة طويلة بأنهم آل عليّ، وآل العبّاس، وآل جعفر، وآل عَقِيل، قال: ويُزاد آل الحارث بن عبد المطّلب؛ لحديث عبد المطّلب بن ربيعة الذي يأتي بعد هذا، فهذا تفسير الراوي، وهو مقدّم على تفسير غيره، فالرجوع إليه في تفسير آل محمد - صلى الله عليه وسلم - هنا هو الظاهر؛ لأن لفظ الآل مشترك، وتفسير راويه دليل على المراد منه، وكذلك يدخل في تحريم الزكاة عليهم بنو المطّلب بن عبد مناف، كما يدخلون معهم في قسمة الخمس، كما يفيده حديث جبير بن مطعم، قال: مشيت أنا وعثمان بن عفّان إلى النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، فقلنا: يا رسول الله أعطيت بني المطّلب من خمس خيبر، وتركتنا، ونحن وهم بمنزلة واحدة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إنما بنو المطّلب وبنو هاشم شيء واحد"، أخرجه البخاريّ، قال الأمير: هذا الحديث دليلٌ على أن بني المطّلب يشاركون بني هاشم في سهم ذوي القربى، وتحريم الزكاة أيضاً دون من عداهم، وإن كانوا في النسب سواءً، وعلّله - صلى الله عليه وسلم - باستمرارهم على الموالاة، "فإنهم لم يفارقونا في جاهليّة، ولا إسلام"، فصاروا كالشيء الواحد في الأحكام، وهو دليلٌ واضح، وإليه ذهب الشافعيّ - رحمه الله -.
وخالفه مالك، وأبو حنيفة، وأحمد في رواية، فقالوا: إنه - صلى الله عليه وسلم - أعطى بني المطّلب على جهة التفضيل، لا الاستحقاف، وهو خلاف الظاهر، بل قوله:"شيء واحد" دليل على أنهم يشاركونهم في استحقاق الخمس، وتحريم الزكاة. انتهى.
قال الجامع عفا الله عنه: قد تبيّن مما سبق من سوق الأقوال وأدلتها أن ما ذهب إليه الشافعيّ - رحمه الله - من أن المراد بالآل الذين تحرم عليهم الزكاة هم بنو هاشم، وبنو المطّلب هو الراجح؛ لقوة حجّته، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.