للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وفي رواية ابن خزيمة: "فتواكلنا الكلام قليلًا، ثم كلمته، أو كلمه الفضل، قد شكّ في ذلك عبد الله بن الحارث".

(وَأَوْصَلُ النَّاسِ) أي أكثر الناس صلة للرحم، وإنما قدّما هذا الكلام تمهيدًا لما يطلبانه، وتعطيفًا لجنابه -صلى الله عليه وسلم- حتى يقضي حاجتهما (وَقَدْ بَلَغْنَا النكَاحَ) أي الْحُلُم، فهو كقوله تعالى: {حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ} [النساء: ٦] (فَجِئْنَا، لِتُؤَمِّرَنَا) بتشديد الميم، من التأمير: أي تجعلنا أميرين (عَلَى بَعْضِ هَذ الصَّدَقَاتِ، فَنُؤَدِّيَ إِلَيْكَ) بالنصب عطفًا على "تؤمّرَ" (كَمَا يُؤَدِّي النَّاسُ، وَنُصِيبَ كَمَا يُصِيبُونَ) أي نُصيب أُجرة العمل مثلهم (قَالَ) عبد المطّلب (فَسَكَتَ) -صلى الله عليه وسلم- (طَوِيلًا) أي وقتًا طويلًا، ولعله انتظاراً للوحي، أو تفكيرًا فيما يُعوّضهما مما أراد أن يمنعهما منه.

وفي رواية ابن خزيمة: قال: فلما كلمناه بالذي أَمَرنا به أبوانا، فسكت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ساعة، ورفع بصره قِبَلَ سقف البيت حتى طال علينا أنه لا يرجع شيئًا حتى رأينا زينب تَلْمَعُ من وراء الحجاب بيديها ألا نعجل، وأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان في أمرنا ثم خفض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رأسه، فقال لنا: "إن هذه الصدقة … ".

(حَتَّى أَرَدْنَا أَنْ نُكَلِّمَهُ) غاية لطول الوقت (قَالَ: وَجَعَلَتْ زَيْنَبُ) بنت جحش -رضي الله عنها- (تُلْمِعُ عَلَيْنَا) وفي نسخة: "إلينا"، وهو بضم التاء، وإسكان اللام، وكسر الميم، ويجوز فتح التاء والميم، يقال: ألمع، ولمَعَ: إذا أشار بثوبه، أو بيده، قاله النوويّ (١).

وقال القرطبيّ: يقال: ألمع بثوبه، وبيده، وأومأ برأسه، وأومض بعينه؛ أي أشار. انتهى (٢).

وقال في "اللسان": لَمَعَ بثوبه، وسيفه لَمْعًا، وألمع: أشار، وقيل: أشار للإنذار، وهو أن يرفعه، وُيحرّكه؛ ليراه غيره، فيجيب إليه، ومنه حديث زينب: "تَلْمَعُ علينا من وراء الحجاب " أي تُشير بيدها. انتهى (٣).

(مِنْ وَرَاءِ الْحِجَابِ) أي الحجاب الذي بينها وبينهما، وهذا فيه إشارة إلى


(١) "شرح النووي" ٧/ ١٧٩.
(٢) "المفهم" ٣/ ١٢٨.
(٣) "لسان العرب" ٨/ ٣٢٤.