للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وقد روي بالواو مكان الراء بإضافة حسن إليه، وهي رواية ابن أبي جعفر، ووجهُها كأنه قال: أنا عالم القوم، وذو رأيهم، وقد روي عن أبي بحر: "أبو حسني " بالتنوين، وبعده "القرم" بالرفع؛ أي أنا مَن عَلِمتم أيها القومُ، وهذه الرواية أبعدها. انتهى (١).

وقوله: (وَاللهِ لَا أَرِيمُ مَكَانِي) بفتح الهمزة، وكسر الراء: أي لا أزال، ولا أبرح من مكاني هذا، قال زهير [من الوافر]:

لِمَنْ طَلَلٌ بِرَامَةَ (٢) لَا يَرِيمُ … عَفَا وَخَلَالُهُ حُقُبٌ قَدِيمُ (٣)

وقوله: (ابْنَا كُمَا) قال القرطبيّ رحمه الله: على التثنية هو الصحيح، ووقع لبعض الشيوخ: "أبناؤكما" على الجمع، وهو وَهَمٌ، فإنه قد نُصَّ على أنهما اثنان. انتهى (٤).

وقال النوويّ: هكذا ضبطناه "ابناكما" بالتثنية، ووقع في بعض الأصول: "أبناؤكما" بالواو على الجمع، وحكاه القاضي أيضًا، قال: وهو وَهَمٌ، والصواب الأول، قال: وقد يصحّ الثاني على مذهب من جمع الاثنين. انتهى (٥).

قال الجامع عفا الله عنه: الاحتمال الأخير هو المتعيّن، ولا وجه لتوهيم الرواية إن صحّت، فإن القول الراجح أن أقل الجمع اثنان، كما حقّقته في "التحفة المرضيّة" و"شرحها" في الأصول، فتبصّر، والله تعالى الهادي إلى سواء السبيل.

وقوله: (بِحَوْرِ مَا بَعَثْتُمَا بِهِ) بفتح الحاء المهملة؛ أي بجوابه، يقال: كلّمته، فما ردّ حَوْرًا، ولا حُوَيرًا؛ أي جوابًا، وأصل الْحَوْر: الرجوع، ومنه قوله تعالى: {إِنَّهُ ظَنَّ أَنْ لَنْ يَحُورَ (١٤)} الآية [الانشقاق: ١٤]؛ أي أن لن يرجع.

وقال الهرويّ بعد ذكر ما تقدّم: ويجوز أن يكون معناه الخيبة؛ أي يرجعا بالخيبة، وأصل الْحَوْر الرجوع إلى النقص، قال القاضي عياض: هذا أشبه بسياق الحديث.


(١) "المفهم" ٣/ ١٢٧.
(٢) اسم موضع.
(٣) "المفهم" ٣/ ١٢٧ - ١٢٨.
(٤) "المفهم" ٣/ ١٢٨.
(٥) "شرح النووي" ٧/ ١٨١.