فقال: إن ابنتي لا يُسْبَى مثلها، فَخَلِّ سبيلها، فقال:"أرأيت إن خيّرتها، أليس قد أحسنتُ؟ " قال: بلى، فأتاها أبوها، فذكر لها ذلك، فقالت: قد اخترت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهذا مرسلٌ، صحيح الإسناد.
قال الواقديّ: تُوُفّيت في ربيع الأول من سنة ست وخمسين، وصلى عليها مَرْوان بن الحكم، وقال غيره: ماتت سنة خمسين، ولها خمس وستون سنةً.
أخرج لها الجماعة، ولها في هذا الكتاب حديثان فقط، برقم (١٠٧٣)، و (٢٧٢٦): "قلتُ بعدك أربع كلمات ثلاث مزات … ".
لطائف هذا الإسناد:
١ - (منها): أنه من خُماسيّات المصنّف رحمه الله، وله فيه إسنادان فرق بينهما بالتحويل؛ لاختلاف كيفيّة التحمل والأداء، كما أوضحناه غير مرّة.
٢ - (ومنها): أن رجاله رجال الجماعة، إلا ابن رُمح، فقد تفرّد به هو وابن ماجه.
٣ - (ومنها): أنه مسلسلٌ بالمدنيين من ابن شهاب، والباقون مصريّون.
٤ - (ومنها): أن فيه رواية تابعيّ، عن تابعئ: ابن شهاب، عن عُبيد.
٥ - (ومنها): أن جويرية -رضي الله عنها- وعُبيدًا هذا أول محلّ ذكرهما، وجُويرة -رضي الله عنها- من المقلّين من الرواية، فليس لها في الكتب الستّة إلا أربعة أحاديث، راجع:"تحفة الأشراف"(١١/ ٤٦ - ٤٨).
شرح الحديث:
(عَن ابْنِ شِهَاب، أَن عُبَيْدَ بْنَ السَّبَّاقِ) - بفتح السين المهملة، وتشديد الباء الموحّدة- (قَالَ: إِنَّ جُويرِيَةَ) بصيغة التصغير بنت الحارث رعتها، وقوله:(زَوْجَ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-) بالنصب على البدليّة، أو عطف البيان، والزوج بلا هاء يُطلق على الرجل، وعلى المرأة، كما هنا، ويقال للمرأة أيضًا: زوجة، والأول أفصح، وبه جاء القرآن العظيم، كقوله تعالى:{اسْكُنْ أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ}[البقرة: ٣٥]، وقد تقدّم تحقيق هذا في غير موضع، فلا تغفُل. (أَخْبَرَتْهُ: أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- دَخَلَ عَلَيْهَا، فَقَالَ:" هَلْ مِنْ طَعَامٍ؟ ") "من" زائدة، كما قال في "الخلاصة":