للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَزِيدَ فِي نَفْيٍ وَشِبْهِهِ فَجَرْ … نَكِرَةً كـ "مَا لِبَاغٍ مِنْ مَفَرْ"

و"طعام" مبتدأ سوّغه وقوعه بعد استفهام، وخبره محذوف؛ أي موجود.

(قَالَتْ: لَا) أي ليس الطعام موجودًا (وَاللهِ يَا رَسُولَ الله) وقولها: (مَا عِنْدَنَا طَعَامٌ) تأكيد لمعنى "لا" (إِلَّا عَظْمٌ مِنْ شَاةٍ، أُعْطِيَتْهُ) بالبناء للمفعول، والهاء هو المفعول الثاني، والأول قولها: (مَوْلَاتِي) لا يُعرف اسمها (١). (مِنَ الصَّدَقَةِ، فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("قَرِّبِيهِ) فعل أمر للمؤنّثة، من التقريب، أمرها -صلى الله عليه وسلم- بأن تقرّب ذلك العظم إليه.

قال القرطبيّ رحمه الله: إنما قال -صلى الله عليه وسلم- "قَرِّبيه" لعلمه بطيب قلب المولاة بذلك، أو لكون المولاة قد أهدت ذلك لجُويرية -رضي الله عنها- كما يجيء في قضة بريرة -رضي الله عنها- الآتي بعده. انتهى (٢).

ثم علّل أمره بذلك بقوله: (فَقَدْ بَلَغَتْ مَحِلَّهَا") أي لأنها بلغت مكانها، و"الْمَحِلّ" -بكسر الحاء- موضع الحلول والاستقرار؛ يعني أنه قد حَصَل المقصود منها، من ثواب التصدق، ثم صارت ملكًا لمن وصلت إليه.

وقال ابن الجوزيّ رحمه الله: هذا مثلُ قوله -صلى الله عليه وسلم- في بريرة: "هو عليها صدقة، وهو لنا هدية" (٣).

وقال النوويّ رحمه الله قوله: "فقد بلغت مَحِلَّها" هو بكسر الحاء: أي زال عنها حكم الصدقة، وصارت حلالاً لنا، وفيه دليل للشافعيّ وموافقيه أن لحم الأضحية إذا قبضه المتصدَّق عليه، وسائر الصدقات يجوز لقابضها بيعها، وتَحِلّ لمن أهداها إليه، أو ملكها منه بطريق آخر، وقال بعض المالكية: لا يجوز بيع لحم الأضحية لقابضها. انتهى (٤).

وقال القرطبيّ رحمه الله: قوله: دافقد بلغت محِلّها" يعني أن المتصدَّقَ عليها قد ملكت تلك الصدقة بوجه صحيح جائز، فقد صارت كسائر ما تملكه بغير جهة الصدقة، وإذا كان كذلك، فمن تناول ذلك الشيء المتصدَّق به من يد


(١) "تنبيه المعلم" ص ١٩٨.
(٢) "المفهم" ٣/ ١٣٠.
(٣) "عمدة القاري" ٨/ ٣١٣.
(٤) "شرح النوويّ" ٧/ ١٨٢.