(فَقَالَ) -صلى الله عليه وسلم- ("هُوَ) أي اللحم المتصدق به على بريرة -رضي الله عنه- (لَهَا صَدَقَةٌ) بالرفع، على أنه خبر "هو"، و"لها" صفة قُدِّمت، فصارت حالًا، على قاعدة أن نعت النكرة إذا قُدّم يُعرب حالًا، كما في قوله:
ويجوز النصب فيها على الحال، والخبر "لها"، قال في "الفتح": يؤخذ منه أن التحريم إنما هو على الصفة، لا على العين.
(وَلَنَا هَدِيَّة") أي حيث أهدته بريرة إلينا فهو هدية، وذلك لأن الصدقة يجوز فيها تصرف الفقير بالبيع والهدية، وغير ذلك؛ لصحة ملكه لها، كتصرفات سائر الملاك في أملاكهم.
والفرق بينهما أن الصدقة منحة لثواب الآخرة، والهدية تمليك الغير شيئًا توذدًا إليه، وإكرامًا له، ففي الصدقة نوع ذُلّ للآخذ، فلذلك حُرِّمت الصدقة عليه -صلى الله عليه وسلم- دون الهدية، وقيل: لأن الهدية يُثاب عليها في الدنيا، فتزول المنة، والصدقة يراد بها ثواب الآخرة، فتبقى المنة، ولا ينبغي للنبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن يَمُنّ عليه غير الله سبحانه وتعالى. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو المستعان، وعليه التكلان.
مسائل تتعلّق بهذا الحديث:
(المسألة الأولى): حديث عائشة -رضي الله عنها- هذا متّفق عليه.
(المسألة الثانية): في تخريجه:
أخرجه (المصنف) هنا [٥٠/ ٢٤٨٦ و ٢٤٨٧ و ٢٤٨٨ و ٢٤٨٩، (١٠٧٥) وسيأتي في "العتق "(١٥٠٤)، و (البخاريّ) في "الزكاة"(١٤٩٣) و"الهبة"(٢٥٧٨) و"النكاح "(٥٠٩٧) و"الطلاق"(٥٢٧٩)، و (النسائيّ) في "الطلاق "(٦/ ١٦٥ - ١٦٦) و"الكبرى"(٢/ ٥٩ و ٣/ ١٩٥)، و (مالك) في "الموطّأ"(٢/ ٥٦٢)، و (عبد الرزاق) في "مصنفه"(٧/ ٢٤٩)، و (ابن أبي شيبة) في "مصنّفه"(٦/ ١٥)، و (الطيالسي) في "مسنده"(١/ ١٩٧)، و (أحمد) في "مسنده"(٦/ ١٥٠ و ١٧٥ و ١٨٠ و ٢٠٧، ١٩١)، و (الدارميّ) في "سننه "(٢/ ٢٢٢)، و (أبو عوانة) في "مسنده"(٣/ ٢٢٩ و ٢٣٠)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٥١١٥ و ٥١١٦)،