أخرجه (المصنّف) هنا [٥٠/ ٢٤٩٠، (١٠٧٦)، و (البخاريّ) في "الزكاة"(١٤٤٦ و ١٤٩٤) و"الهبة"(٢٥٧٩)، و (ابن حبّان) في "صحيحه"(٥١١٩)، و (أبو نعيم) في "مستخرجه"(٣/ ١٤١)، و (الطبرانيّ) في "الكبير"(٢٥/ ١٤٨ و ١٤٩ و ١٥٠)، والله تعالى أعلم.
(المسألة الثالثة): في فوائده:
١ - (منها): بيان أن الصدقة يجوز فيها تصرف الفقير الذي أُعطيها، بالبيع والهدية، وغير ذلك.
٢ - (ومنها): أن فيه إشارةً إلى أن أزواج النبيّ -صلى الله عليه وسلم- لا تحرم عليهن الصدقة، كما حُرِّمت عليه؛ لأن عائشة -رضي الله عنها- قَبِلت هدية بريرة، وأم عطية مع علمها بأنها كانت صدقة عليهما، وظَنَّت استمرار الحكم بذلك عليها، ولهذا لم تقدمها للنبيّ -صلى الله عليه وسلم - لعلمها أنه لا تحل له الصدقة، وأقرها -صلى الله عليه وسلم- على ذلك الفهم، ولكنه بَيَّن لها أن حكم الصدقة فيها قد تحوّل، فحَلَّت له -صلى الله عليه وسلم- أيضًا.
٣ - (ومنها): أنه يُستنبط من هذه القصة جواز استرجاع صاحب الدين من الفقير ما أعطاه له من الزكاة بعينه، وأن للمرأة أن تعطي زكاتها لزوجها، ولو كان ينفق عليها منها، وهذا كله فيما لا شرط فيه، قاله في "الفتح".
[تنبيه]: استُشكلت قصة عائشة في حديث أم عطية، مع حديثها في قصة بريرة؛ لأن شأنهما واحد، وقد أعلمها النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في كل منهما بما حاصله أن الصدقة إذا قبضها من يحل له أخذها، ثم تصرف فيها زال عنها حكم الصدقة، وجاز لمن حُرِّمت عليه أن يتناول منها؛ إذا أهديت له، أو بيعت، فلو تقدمت إحدى القصتين على الأخرى لأغنى ذلك عن إعادة ذكر الحكم، ويبعد أن تقع القصتان دفعة واحدة، قاله في "الفتح"(١).
قال الجامع عفا الله عنه: هكذا أورد الاستشكال في "الفتح"، ولم يجب عنه، والظاهر أن ما استبعده من وقوع القصّتين متقاربتين لا بُعد فيه، والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.