قال ابن التين: وهذا الحديث يعكر عليه، وقد قال جماعة من العلماء: يدعو آخذ الصدقة للمتصدّق بهذا الدعاء؛ لهذا الحديث.
وأجاب الخطّابيّ عنه بأن أصل الصلاة الدعاء إلا أنه يختلف بحسب المدعوّ له، فصلاة النبيّ -صلى الله عليه وسلم- على أمته دعاء لهم بالمغفرة، وصلاة أمته عليه دعاء له بزيادة القربى والزلفى؛ ولذلك كان لا يليق بغيره. انتهى.
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: القول بكراهة الصلاة على غير الأنبياء مما لا يقوم عليه دليل، فالحقّ أن الصلاة على غيرهم جائزة؛ لحديث الباب وغيره، وقد قدمت تحقيق البحث في ذلك في "كتاب الصلاة" في أبواب الصلاة على النبيّ -صلى الله عليه وسلم- في التشهّد، من "شرح النسائيّ" فراجعه تستفد. والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب.
(المسألة الرابعة): اختُلف في حكم الدعاء للمتصدّق:
ذهب الجمهور إلى أن الدعاء لدافع الزكاة سنة مستحبّة، وليس بواجب.
وذهب أهل الظاهر إلى أنه واجب، قال النوويّ رحمه الله: وبه قال بعض أصحابنا، حكاه أبو عبد الله الحناطيّ -بالحاء المهملة- واعتمدوا الأمر في الآية، قال الجمهور: الأمر في حقّنا للندب؛ لأن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- بعث معاذًا وغيره لأخذ الزكاة، ولم يأمرهم بالدعاء، وقد يُجيب الآخرون بأن وجوب الدعاء كان معلومًا لهم من الآية الكريمة.
وأجاب الجمهور أيضًا بان دعاء النبيّ -صلى الله عليه وسلم- صلاته سكن لهم، بخلاف غيره (١).
قال الجامع عفا الله تعالى عنه: عندي أن ما ذهب إليه الجمهور هو الأرجح؛ لأن ما احتجّوا به كافٍ في صرف الأمر عن الوجوب إلى الاستحباب، فتأمّل.
والله تعالى أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب، وهو حسبنا ونعم الوكيل.
وبالسند المتّصل إلى الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله المذكور أولَ الكتاب قال: