"إن الله عز وجل أمدّه لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين"، وفي البخاريّ عن أبي هريرة، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين".
[قلنا]: هذا محمول على ما إذا كان الإغمام من الطرفين بأن يغم هلال رمضان، فنعدّ شعبان تسعة وعشرين يومًا، ثم نصوم ثلاثين، فيحول دون مطلع هلال شوال غيم ليلة الحادي والثلاثين، فإنا نعدّ شعبان من الآن ثلاثين، ونعدّ رمضان ثلاثين، ونصوم يومًا، فيصير الصوم واحدًا وثلاثين، كما إذا نسي صلاة من يوم فاتته، فإنه يلزمه صلوات اليوم، وقد رُوي عن أنس أنه قال: هذا اليوم يكمل إلى أحد وثلاثين يومًا.
قال: واحتج بحديث حذيفة -رضي الله عنه- أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال:"صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فعدوا شعبان ثلاثين، ثم صوموا، فإن غم عليكم فعدوا رمضان ثلاثين، ثم أفطروا، إلا أن تروه قبل ذلك".
وجوابه ما سبق قبله أنه محمول على ما إذا كان الإغمام في طرفي رمضان.
قال:[فإن قيل]: هذا التأويل باطل لوجهين:
أحدهما: أنه قال: "فعدوا شعبان ثلاثين، ثم صوموا"، والصوم إنما هو أول الشهر.
والثاني: أنه قال بعد ذلك: "فان غم عليكم فعدوا رمضان ثلاثين، ثم أفطروا"، فدل على أن الإغمام في أوله وفي آخره، والذي في أوله يقتضي الاعتداد به في أول رمضان، وعلى هذا التأويل يقتضي أن الاعتداد به في آخر رمضان.
[قلنا]: التأويل صحيح؛ لأنا نكمل عدة شعبان في آخر رمضان، ونصوم يومًا آخر، فيكون قوله:"ثم صوموا" راجعًا إلى هذا اليوم، وأما قوله بعده:"فإن غم عليكم فعدوا رمضان ثلاثين، ثم أفطروا"، فمعناه: إذا غم في أوله، وغم في آخره ليلة الثلاثين من رمضان، فإنا نَعُدّ شعبان ثلاثين، ثم نصوم يومًا، وهو الحادي والثلاثين من رمضان، فنعدّ رمضان ثلاثين، ونصوم يومًا آخر، فقد حصل العددان، أحدهما بعد الآخر، ويتخللها صوم يوم.