للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

المقصود لا يحصل بنية التطوع، وإنما يحصل بنية رمضان، ومن القياس إنه يوم يسوغ الاجتهاد في صومه عن رمضان، فوجب صيامه، كما لو شهد بالهلال واحد، واحترزنا بسوغ الاجتهاد عن يوم الصحو، ولهذا يتناول ما أطلقه الصحابة على الصحو؛ لأنه رُوي صريحًا عن ابن عمر، ولأنه عبادة بدنية مقصودة، فوجبت مع الشكّ، كمن نسي صلاة من صلاتين، واحترزنا ببدنية عن الزكاة والحج، وبمقصودة عمن شك هل أحدث أم لا؟ فلا شيء عليه في كل ذلك.

قال: واحتَجَّ المخالف بحديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: "أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- نَهَى عن صيام ستة أيام: اليوم الذي يُشَكّ فيه من رمضان، ويوم النحر، ويوم الفطر، وأيام التشريق".

وجوابه من وجهين: [أحدهما]:

حمله على من صامه تطوعًا، أو من نذر، أو قضاء.

[والثاني]: حمله على الشك إذا لم يكن غيم.

قال: واحتَجَّ أيضًا بحديث حذيفة -رضي الله عنه-، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تقدموا الشهر بيوم، ولا بيومين، حتى تروا الهلال، أو تكملوا العدة قبله، ثم صوموا حتى تروا الهلال، أو تكملوا العدة".

وجوابه أنه محمول على ما إذا لم يكن غيم.

واحتَجّ بحديث ابن عباس، وابن عمر -رضي الله عنهم-: أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن حال دونه غمامة، فأكملوا العدة ثلاثين".

وجوابه أن معناه: أكملوا رمضان، ودليل هذا التأويل أنه جاء في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-: "فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين"، ويعود الضمير في رؤيته إلى هلال شوال؛ لأنه أقرب مذكور، وفي رواية عن أبي هريرة: "فأتموا العدة ثلاثين، ثم أفطروا"، ومثله من رواية ابن عباس، وهكذا الجواب عن حديث ابن عمر في "صحيح مسلم": "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فاقدروا له ثلاثين"، معناه: غم هلال شوال.

قال: واحتج بحديث أبي الْبَخْتَرِيّ السابق قال: أهللنا هلال رمضان، فشككنا فيه، فبعثنا إلى ابن عباس رجلًا، فقال ابن عباس، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-: