عنهم من طُرُق، وفي الرواية عن عليّ قال: إن نبيكم -صلى الله عليه وسلم- كان ينهى عن صيام ستة أيام من السنة، يوم الشك، والنحر، والفطر، وأيام التشريق.
وعن عمر وعليّ أنهما كانا ينهيان عن صوم اليوم الذي يُشَك فيه من رمضان، وعن ابن مسعود: لأن أفطر يومًا من رمضان، ثم أقضيه، أحب إليّ من أن أزيد فيه ما ليس منه، وعن ابن عباس: لا تصوموا اليوم الذي يُشَكّ فيه، لا يسبق فيه الإمام، وعن أبي سعيد: إذا رأيت هلال رمضان فصم، وإذا لم تره فصم مع جملة الناس، وأفطر مع جملة الناس، ونهى حذيفة عن صوم يوم الشك، فهذا كله يخالف ما رويتموه عن الصحابة من صومه.
[قلنا]: يُجْمَع بينهما بأن مَن نَهَى عن الصيام أراد إذا كان الشك بلا حائل سحاب، وكان صيامهم مع وجود الغيم، ويَحْتَمِل أنهم نَهَوا عن صومه تطوعًا وتقدمًا على الشهر، ومن صام منهم صام على أنه من رمضان.
قال:[فإن قيل]: فنحن أيضًا نتأول ما رويتموه عن الصحابة، أن من صام منهم صام مع وجود شهادة شاهد واحد، وقد رُوي ذلك مسندًا عن فاطمة بنت الحسين أن رجلًا شهد عند عليّ -رضي الله عنه- برؤية هلال رمضان فصام، وأحسبه قال: وأمر الناس بالصيام، وقال: لأن أصوم يومًا من شعبان أحب إليّ من أن أفطر يومًا من رمضان.
[قلنا]: لا يصح هذا التأويل؛ لأنه إذا شهد واحد خرج عن أن يكون من شعبان، وصار يومًا من رمضان يصومه الناس كلهم، وفيما سبق عن الصحابة أنهم قالوا: لأن نصوم يومًا من شعبان، وهذا إنما يقال في يوم شكّ، ولأن ابن عمر كان ينظر الهلال، فإن كان هناك غيم أصبح صائمًا، وإلا أفطر، وهذا يقتضي العمل باجتهاده، لا بشهادة، ولأنهم سَمَّوْه يوم الشك، ولو كان في الشهادة لم يكن يوم شك.
قال:[فإن قيل]: ليس فيما ذكرتم أنهم كانوا يصومونه من رمضان، فلعلهم صاموه تطوعًا، وهذا هو الظاهر؛ لأنهم قالوا: لأن نصوم يومًا من شعبان، فسَمَّوه شعبان، وشعبان ليس بفرض.
[قلنا]: هذا لا يصحّ؛ لأن ابن عمر كان يفرّق بين الصحو والغيم، ولأن ظاهر كلامهم أنهم قصدوا الاحتياط؛ لاحتمال كونه من رمضان، وهذا