للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

من الْمُدّة التي جعلت له، قال صاحب "الأفعال": أمددتك مدّةً: أي أعطيتكها، أو يكون من الإمداد، وهي الزيادة في الشيء من غيره، كان الشهر يكون تسعة وعشرين، ويزيده الله يومًا، فيكون ثلاثين، ومنه أمددت الجيش: إذا كثرته، وكذلك كلّ شيء. انتهى (١).

وقال الطيبيّ -رحمه الله-: قوله: "مدّه للرؤية": أي ضرب مدّة رمضان رؤية الهلال. انتهى (٢).

(فَهُوَ) أي رمضان (لِلَيْلَةٍ رَأَيْتُمُوهُ) قال ابن حجر الهيميّ: بإضافة "ليلة" إلى الجملة، وقال القاري: وفي النسخ المصحّحة بالتنوين، ويدلّ عليه ما سبق من قوله: "أيُ ليلة رأيتموه"، غايته أنه يقدّر لفظ "فيها"؛ أي رأيتموه فيها، والمعنى أن رمضان حاصل لأجل رؤية الهلال في تلك الليلة، ولا عبرة بكُبْره (٣).

قال في "المرقاة": واستفيد من قوله: "لليلة رأيتموه" أن لا عبرة برؤية الهلال قبل الغروب، وأنه لو رؤي ليلة ثلاثين شعبان أو رمضان نهارًا قبل الزوال أو بعده لم يُحكم لليلة الماضية، ولا المستقبلة، فلا يفطره من رمضان، ولا يمسكه من شعبان، بل إن رؤي بعد الغروب حُكم به للمستقبلة، وإلا فلا، للخبر السابق صوموا لرؤيته، ولما صَحّ أن عمر - رضي الله عنه - أرسل إلى جند له بالعراق أن هذه الأهلة بعضها أكبر من بعض، فإذا رأيتم الهلال نهارًا فلا تفطروا، حتى يشهد شاهدان أنهما رأياه بالأمس، وصَحَّ عن ابن عم - رضي الله عنهما - أن ناسًا رأوا هلال الفطر نهارًا، فأتم صيامه إلى الليل، وقال: لا، حتى يُرَى من حيث يُرَى بالليل، وفي رواية: لا يصلح أن نفطر حتى تروه ليلًا من حيث يُرَى، قال البيهقيّ: وروينا في ذلك عن عثمان، وابن مسعود، وقال غيره: وعن عليّ، وأنس، ولا مخالف لهم، ورَوَى مالك بلاغًا أن الهلال رؤي زمن عثمان بعشيّ، فلم يفطر حتى أمسى.


(١) "إكمال المعلم" بتصرّف ٤/ ٢٢ - ٢٣.
(٢) "الكاشف عن حقائق السنن" ٥/ ١٥٨٣.
(٣) راجع: "المرقاة" ٤/ ٤١٣.