للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وخمسين يومًا وادَّعَى مغلطاي أيضًا أن المراد بإسحاق: إسحاق بن سُويد العدويّ، راوي الحديث، ولم يأت على ذلك بحجة.

وذكر ابن حبان لهذا الحديث معنيين: أحدهما ما قاله إسحاق، والآخر أن المراد أنهما في الفضل سواءٌ؛ لقوله في الحديث الآخر: "ما من أيام العملُ فيها أفضل من عشر ذي الحجة".

وذكر القرطبيّ أن فيه خمسةَ أقوال، فذكر نحو ما تقدم، وزاد أن معناه: لا ينقصان في عام بعينه، وهو العام الذي قال فيه - صلى الله عليه وسلم - تلك المقالة، وهذا حكاه ابن بزيزة، ومن قبله أبو الوليد ابن رشد، ونقله المحبّ الطبريّ، عن أبي بكر بن فورك.

وقيل: المعنى: لا ينقصان في الأحكام، وبهذا جزم البيهقيّ، وقبله الطحاويّ، فقال: معنى لا ينقصان: أن الأحكام فيهما، وإن كانا تسعة وعشرين متكاملة غير ناقصة عن حكمهما إذا كانا ثلاثين.

وقيل: معناه: لا ينقصان في نفس الأمر، لكن ربما حال دون رؤية الهلال مانع، وهذا أشار إليه ابن حبان أيضًا، ولا يخفى بُعْدُه.

وقيل: معناه: لا ينقصان معًا في سنة واحدة، على طريق الأكثر الأغلب، وإن ندر وقوع ذلك، وهذا أعدل مما تقدم؛ لأنه ربما وُجد وقوعهما، ووقوع كل منهما تسعة وعشرين، قال الطحاويّ: الأخذ بظاهره، أو حمله على نقص أحدهما يدفعه العيان؛ لأنا قد وجدناهما ينقصان معًا في أعوام.

وقال الزين ابن المنير: لا يخلو شيء من هذه الأقوال عن الاعتراض، وأقربها أن المراد أن النقص الحسيّ باعتبار العدد ينجبر بأن كلًّا منهما شهر عيد عظيم، فلا ينبغي وصفهما بالنقصان، بخلاف غيرهما من المشهور، وحاصله يرجع إلى تأييد قول إسحاق.

قال الجامع عفا الله عنه: الصواب ما رجّحه النوويّ -رحمه الله-، قال: الأصحّ أن معناه: لا ينقص أجرهما، والثواب المرتب عليهما، وإن نقص عددهما، فقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدّم من ذنبه"، متّفقٌ عليه، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدّم من ذنبه"،