للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قال النوويّ -رحمه الله-: وفي هذا مع قوله - صلى الله عليه وسلم -: "سواد الليل، وبياض النهار"، دليل على أن ما بعد الفجر هو من النهار، لا من الليل، ولا فاصل بينهما، وهذا مذهبنا، وبه قال جماهير العلماء، وحُكي فيه شيء عن الأعمش وغيره، لعله لا يصح عنهم. انتهى (١).

(فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: (إِن وِسَادَتَكَ لَعَرِيضٌ) قال النوويّ: -رحمه الله-: وقع في أكثر النسخ، أو كثير منها: "إن وسادك لعريض"، وفي بعضها: "إن وسادتك لعريض"، بزيادة تاء، وله وجه أيضًا مع قوله: "عَرِيض"، ويكون المراد بالوسادة: الوساد، كما في الرواية الأخرى، فعاد الوصف على المعنى، لا على اللفظ. انتهى (٢).

قال القاضي عياض -رحمه الله-: معناه إن جعلت تحت وسادك الخيطين اللذين أرادهما الله تعالى، وهما الليل والنهار، فوسادك يعلوهما، ويغطيهما، وحينئذ يكون عريضًا، وهو معنى الرواية الأخرى، في "صحيح البخاريّ": "إنك لعريض القفا"؛ لأن من يكون هذا وساده يكون عِظَم قفاه من نسبته بقدره، وهو معنى الرواية الأخرى: "إنك لضخم"، وأنكر القاضي قول من قال: إنه كناية عن الغباوة، أو عن السِّمَن؛ لكثرة أكله إلى بيان الخيطين، وقال بعضهم: المراد بالوساد: النوم؛ أي إن نومك كثير، وقيل: أراد به الليل؛ أي من لم يكن النهار عنده إلا إذا بان له العقالان طال ليله، وكثر نومه، قال النوويّ: والصواب ما اختاره القاضي، والله أعلم. انتهى (٣).

(إِنَّمَا هُوَ) راجع إلى المذكور من الخيط الأبيض، والخيط الأسود؛ أي المعنى المراد منه (سَوَادُ اللَّيْلِ، وَبَيَاضُ النَّهَارِ") وفي رواية البخاريّ: "فقال: إنما ذلك سواد الليل، وبياض النهار"، وله في "التفسير" من طريق أبي عَوَانة، عن حُصين: "إن وسادك إذًا لعريض، أَن كان الخيط الأبيض والأسود تحت وسادك"، ولأبي عوانة من طريق إبراهيم بن طهمان، عن مطرّف: "فضحك، وقال: لا، يا عريض القفا".


(١) "شرح النووي" ٧/ ٢٠١.
(٢) "شرح النوويّ " ٧/ ٢٠٠.
(٣) "شرح النوويّ" ٧/ ٢٠١ - ٢٠٢.