للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

عِقَال بكسر المهملة: هو الحبل الذي يُعقل به البعير، والجمعُ عُقُل بضمّتين، قال الفيّوميّ -رحمه الله-: عَقَلتُ البعير عَقْلًا، من باب ضَرَب، وهو أن تَثْني وَظِيفه مع ذراعه، فتشدّهما جميعًا في وسط الذراع بحبل، وذلك هو الْعِقَال، وجمعه عُقُل، مثلُ كِتاب وكُتُب. انتهى (١).

وفي رواية البخاريّ: "لما نزلت {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} عَمَدتُ إلى عِقال أسود، وإلى عقال أبيض، فجَعَلتهما تحت وسادتي، فجعلت أنظر في الليل، فلا يستبين لي … "، وفي رواية مجالد: "فأخذت خيطين من شعر" (عِقَالًا أَبْيَضَ، وَعِقَالًا أسْوَدَ، أَعْرِفُ اللَّيْلَ مِنَ النَّهَارِ) أي أتبين انسلاخ الليل من النهار، حتى أترك الأكل والشرب.

قال القرطبيّ -رحمه الله-: إنما جعلهما تحت وساده؛ لاعتنائه بهما، ولينظر إليهما، وهو على فراشه من غير كُلْفة قيام، ولا طلب، فكان يرفع الوساد إذا أراد أن ينظر إليهما، والعقال: الخيط، سُمّي بذلك؛ لأنه يُعقل به؛ أي يُربط به، وُيحبس. انتهى (٢).

وقال القاضي عياض: إنما أخذ العقالين، وجعلهما تحت رأسه، وتأول الآية لكونه سبق إلى فهمه أن المراد بها هذا، وكذا وقع لغيره ممن فعل فعله، حتى نزل قوله تعالى: {مِنَ الْفَجْرِ}، فعلموا أن المراد به بياض النهار، وسواد الليل، وليس المراد أن هذا كان حكم الشرع أوّلًا، ثم نسخ بقوله تعالى: {مِنَ الْفَجْرِ}، كما أشار إليه الطحاويّ، والداوديّ، قال القاضي: وإنما المراد أن ذلك فعله وتأوّله من لم يكن مخالطًا للنبيّ - صلى الله عليه وسلم -، بل هو من الأعراب، ومن لا فقه عنده، أو لم يكن من لغته استعمال الخيط في الليل والنهار؛ لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، ولهذا أنكر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - على عديّ بقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن وسادك لعريض، إنما هو بياض النهار، وسواد الليل"، قال: وفيه أن الألفاظ المشتركة لا يصار إلى العمل بأظهر وجوهها، وأكثر استعمالها إلا إذا عُدِم البيان، وكان البيان حاصلًا بوجود النبيّ - صلى الله عليه وسلم -، قال أبو عبيد: الخيط الأبيض: الفجر الصادق، والخيط الأسود: الليل، والخيط: اللون.


(١) "المصباح المنير" ٢/ ٤٢٢.
(٢) "المفهم" ٣/ ١٤٨.