للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وسيأتي الكلام على تعيين الوقت الذي يؤذّن فيه من الليل قريبًا -إن شاء الله تعالى-.

(فَكُلُوا، وَاشْرَبُوا) فيه إشعار بأن الأذان كان علامةً عندهم على دخول الوقت، فَبَيَّن لهم أن أذان بلال بخلاف ذلك (حَتى تَسْمَعُوا تَأذِينَ ابْنِ أُمِّ مَكتُومٍ) اسمه عمرو، وقيل: كان اسمه الحصين، فسماه النبيّ - صلى الله عليه وسلم - عبد الله، ولا يمتنع أنه كان له اسمان، وهو قرشيّ عامريّ، أسلم قديمًا، والأشهر في اسم أبيه قيس بن زائدة، وكان النبيّ - صلى الله عليه وسلم - يكرمه، ويستخلفه على المدينة، وشَهِدَ القادسية في خلافة عمر - رضي الله عنه -، فاستشهد بها، وقيل: رجع إلى المدينة فمات، وهو الأعمى المذكور في "سورة عبس"، واسم أمه عاتكة بنت عبد الله المخزومية، وزعم بعضهم أنهْ وُلد أعمى، فكُنيت أمه أم مكتوم لانكتام نور بصره، والمعروف أنه عَمِيَ بعد بدر بسنتين (١)، قاله في "الفتح" (٢)، تقدّمت ترجمته في "كتاب الأذان" برقم (٤/ ٨٤٩).

[تنبيه]: زاد في رواية البخاريّ في هذا الكتاب من طريق مالك، عن ابن شهاب: "ثُمَّ قَالَ: وَكَانَ رجلًا أعمى، لا ينادي حتى يقال له: أصبحت أصبحتَ".

قال في "الفتح": قوله: "وكان رجلًا أعمى" ظاهره أن فاعل "قال" هو ابنُ عمر، وبذلك جزم الشيخ الموفَق في "المغني"، لكن رواه الإسماعيليّ، عن أبي خليفة، والطحاويّ، عن يزيد بن سِنَان، كلاهما عن القعنبيّ، فَعَيَّنَا أنه ابنُ شهاب، وكذلك رواه إسماعيل بن إسحاق، ومعاذ بن المثنى، وأبو مسلم الكجيّ، الثلاثة عند الدارقطنيّ، والخزاعيّ، عند أبي الشيخ، وتَمَّام عند أبي نعيم، وعثمان الدارميّ عند البيهقيّ، كلهم عن القعنبيّ، وعلى هذا ففي رواية البخاريّ إدراج، ويجاب عن ذلك بأنه لا يمنع كون ابن شهاب قاله أن يكون


(١) وقد تعقّب الشيخ ابن باز -رحمه الله- هذا، فقال: هذا فيه نظرٌ؛ لأن ظاهر القرآن يدلّ على أنه عَمِي قبل الهجرة؛ لأن "سورة عبس" النازلة فيه مكيةٌ، وقد وصفه الله فيها بأنه أعمى، فتنبّه. انتهى، وهو تعقّب وجيه، والله تعالى أعلم.
(٢) ٢/ ٤٢٩ نسخة البراك.