طلوع الفجر، وهذا مع وضوح مخالفته لسياق الحديث يحتاج إلى دليل خاصّ لما صححه حتى يسوغ له التأويل، ووراء ذلك أقوال أخرى معروفة في الفقهيات.
واحتجّ الطحاويّ لعدم مشروعية الأذان قبل الفجر بقوله: لَضا كان بين أذانيهما من القرب ما ذُكِر في حديث عائشة ثبتٌ أنهما كانا يقصدان وقتًا واحدًا، وهو طلوع الفجر، فيخطئه بلالٌ، ويصيبه ابن أم مكتوم.
وتُعُقِّب بانه أَبُو كان كذلك لَمَا أقره النبيّ -صلى الله عليه وسلم- مؤذنًا، واعتمد عليه، ولو كان كما ادَّعَى لكان وقوع ذلك منه نادرًا، وظاهر حديث ابن عمر يدل على أن ذلك كان شأنه وعادته. انتهى كلام الحافظ رحمه الله (١)، وهو بحثٌ نفيسٌ، والله تعالى أعلم.
[تنبيه آخر]: أخرج البخاريّ في "صحيحه" حديب الباب من طريق عبد الله بن دينار، عن ابن عمر، فقال:
٥٨٥ - حدّثنا عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، عن عبد الله بن دينار، عن عبد الله بن عمر: أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:"إن بلالًا ينادي بليل، فكلوا، واشربوا، حتى ينادي ابن أم مكتوم". انتهى. قال في "الفتح": قال ابن منده: حديث عبد الله بن دينار مُجْمَع على صحته، رواه جماعة من أصحابه عنه، ورواه عنه شعبة، فاختُلِف عليه فيه، رواه يزيد بن هارون عنه على الشكّ:"أن بلالًا … " كما هو المشهور، أو:"أن ابن أم مكتوم ينادي بليل، فكلوا، واشربوا، حتى يؤذن بلالٌ"، قال: ولشعبة فيه إسناد آخر، فإنه رواه أيضًا عن خبيب بن عبد الرحمن، عن عمته أُنيسة، فذكره على الشكّ أيضًا، أخرجه أحمد، عن غندر عنه، ورواه أبو داود الطيالسي عنه جازمًا بالأول، ورواه أبو الوليد عنه جازمًا بالثاني، وكذا أخرجه ابن خزيمة، وابن المنذر، وابن حبان من طُرُق عن شعبة، وكذلك أخرجه الطحاويّ، والطبرانيّ من طريق منصور بن زاذان، عن خُبيب بن عبد الرحمن، وادَّعَى ابن عبد البرّ، وجماعة من الأئمة بأنه مقلوب، وأن الصواب حديث