للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

الفجر، وهو حديث أخرجه أبو داود وغيره، من طريق حماد بن سلمة، عن أيوب، عن نافع، عن ابن عمر موصولًا مرفوعًا، ورجاله ثقات حفّاظ، لكن اتفق أئمة الحديث: عليّ ابن المدينيّ، وأحمد بن حنبل، والبخاريّ، والذهليّ، وأبو حا تم، وأبو داود، والترمذيّ، والأثرم، والدارقطنيّ على أن حمادًا أخطا في رفعه، وأن الصواب وقفه على عمر بن الخطاب، وأنه هو الذي وقع له ذلك مع مؤذنه، وأن حمادًا انفرد برفعه، ومع ذلك فقد وُجد له متابع، أخرجه البيهقيّ من طريق سعيد بن زَرْبِيّ، وهو بفتح الزاي، وسكون الراء، بعدها موحدة، ثم ياء، كياء النسب، فرواه عن أيوب موصولًا، لكن سعيد ضعيف، ورواه عبد الرزاق، عن معمر، عن أيوب أيضًا، لكنه أعضله، فلم يذكر نافعاً، ولا ابن عمر، وله طريق أخرى، عن نافع، عند الدارقطنيّ وغيره، اختُلِف في رفعها ووقفها أيضًا، وأخرى مرسلة، من طريق يونس بن عبيد وغيره، عن حميد بن هلال، وأخرى من طريق سعيد، عن قتادة مرسلة، ووصلها يونس، عن سعيد بذكر أنس، وهذه طُرُق يقوي بعضها بعضًا قُوّةً ظاهرةً، فلهذا -والله أعلم- استقرّ أن بلالًا يؤذن الأذان الأول. انتهى كلام الحافظ رحمه الله (١).

قال الجامع عفا الله عنه: تقوية الحافظ بهذه الطرق الضعيفة لما حكم عليه الأئمة المذكورون بالخطأ فيه نظرٌ لا يخفى، فتأمله بالإنصاف، والله تعالى أعلم.

وقال الحافظ وليّ الدين رحمه الله: رَوَى ابن حبان في "صحيحه" عن عائشة -رضي الله عنها- أن النبيّ -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن ابن أم مكتوم يؤذن بليل، فكلوا، واشربوا، حتى يؤذن بلال"، وللنسائي من حديث أنيسة بنت خبيب: "إذا أذن ابن أم مكتوم، فكلوا، واشربوا، وإذا أذن بلال فلا تأكلوا ولا تشربوا"، وهاتان الروايتان معارضتان للرواية المشهورة، فقال ابن عبد البرّ: إن المحفوظ، والصواب الأول، وقال ابن خزيمة: يجوز أن يكون بينهما نُوَث، وجزم به ابن حبان في الجمع بينهما، ونظير هاتين الروايتين في المعارضة ما في "سنن أبي داودأ عن بلال -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال له: "لا تؤذن حتى يستبين لك


(١) "الفتح" ٢/ ٤٣٣ - ٤٣٤.